رأينا أن الفقهاء لا يسوون بين الباطل والفاسد فى الحكم، فالباطل غير منعقد ومن ثم لا يرتب أثرا، أما الفاسد فإنه وإن كان مستحق الفسخ إلا أنه إن اتصل به دخول يرتب جملة من الآثار، إما بافتراض انعقاده بعد الدخول كما توحى عبارة بعضهم، أو مراعاة لما اقترن به من شبهة حسب ما يكشف تدقيق أقوال الفقهاء.قال النووى فى المجموع " وقد أجمعنا على أنه لا يملك البضع بالوطء في النكاح الفاسد وأما ما تعلق به من وجوب المهر ولحوق النسب والعدة وسقوط الحد، فلم يمكن ذلك بسبب العقد، بل لكونه وطء شبهة، ولهذا تترتب هذه الأحكام على وطء الشبهة " () وهو الصحيح إن شاء الله فنقطة الارتكاز فى الفرق بين الفاسد والباطل من الأنكحة:هى أن الفاسد يعتبر فيه شبهة، فتترتب على الدخول فيه أحكام الوطء بشبهة، أما الباطل فحيث لا شبهة فيه فلا أثر للدخول عليه، وهذا ما ينبهنا إلى أن ما فى مصنفات الفقه من قولهم " الفاسد والباطل فى النكاح سواء " معناه: أنهما سواء فى عدم الانعقاد فقط.
إذن الباطل من النكاح لا يوجب أثرا حتى وإن اتصل به دخول، بل إن الدخول فيه يعتبر زنى محضا يوجب الحد شرعا.
أما ما اصطلح عليه بالفاسد، أو الباطل الذى اقترن بشبهة، فلا أثر لعقده مجردا، أى لا يترتب على مجرد الانعقاد أى أثر، ولكن إن اتصل به دخول فإنه يوجب جملة من الآثار أساسها الدخول وليس العقد الفاسد.
أثر اختلال عقد الزواج فى البحرين:
من المهم أن يعرف – بداية- أن توجه الحنفية قد غلب على العمل فى كثير من البلدان العربية ربما كبقية من بقايا الحكم العثمانى، ليكون الدارسون والباحثون على بصيرة مما يرونه فى الشروح الحديثة التى تعالج المسألة بمنظور فقه الأحناف، لا سيما وأن الشروح المصرية والسورية والأردنية، والعراقية هى الأكثر شيوعا فى المكتبات الخليجية، حتى ليظن غير المختصين أن ما تطبق عليه هذه الشروح هو حكم الشرع الذى لا خلاف عليه.
وليست الحقيقة كذلك من وجهين:
أولهما: أن ما هو شائع هو مذهب الحنفية، وغيرهم من الفقهاء وإن وافقوهم فى كثير فإنهم ليخالفونهم فى بعض المسائل، وغير المجمع عليه إن حكم بخلافه حاكم – قاض- جاز.
والثانى: أن بناء التفرقة بين العقود الذى لحقها الخلل على أساس نظرية الفاسد والباطل أمر محل نظر، بل إن التمييز بين الباطل والفاسد من عقود النكاح كان ولم يزل مدار اضطراب كبير فى مباحث الفقه، ومن ثم فالخروج على هذا المنهج قد يفيد ولا يضر.
وبخصوص الشأن البحرينى فإنه يفرق بين ما يجرى عليه العمل، وما هو مقترح فى مسودتى القانون.
مايجرى عليه العمل فى البحرين:
عرفنا أن دوائر المحاكم السنية تطبق مذهب الإمام مالك، أما الدوائر الجعفرية فتطبق المعتبر عند المراجع من علماء الإمامية.
أثر الخلل فى العقد عند المالكية:
فى فقه المالكية يعتبر العقد باطلا، ولا يرتب أى أثر إن كانت المخالفة مجمعا عليها، كالجمع بين الأختين، ونكاح خامسة مع أربع،وزواج المتعة، ونكاح ذات المحرم من النسب أو الرضاع أو تزوج فى العدة أو شبه ذلك دون أن يدعى الجهل بالتحريم، فإن ادعى الجهل بالتحريم ففى اعتبار التأثير وعدمه قولان.
ومتى كان الخلل مما اختلف حوله العلماء – من أصحاب المذاهب الثلاثة الأخرى، أو من غيرهم متى كان خلافا قويا - اعتبر شبهة تدرأ عن الدخول بناء على هذا العقد المشوب بالخلل العقوبة الحدية، ويرتب هذا الدخول مجموعة من الآثار () هى:
1 - وجوب مهر.
2 - - ثبوت الإرث إذا مات أحد الزوجين قبل فسخ العقد، سواء دخل الرجل بالمرأة أم لم يدخل بها.
3 - ثبوت النسب بشرط الدخول بالمرأة، وتوافر شروط ثبوت النسب
4 - نشر المحرمية بين الرجل وأصول المرأة وفروعها، وكذا بين المرأة وأصول الرجل وفروعه، على أنه إن كان النكاح مجمعا على فساده كنكاح الخامسة لمن عنده أربع فإنه لا ينشر المحرمية إلا بالوطء عن جهالة – بداهة – وإن كان مختلفا فى فساده وصحته كنكاح المحرم بحج أو عمرة، وإنكاح المرأة نفسها من غير ولى فإنه ينشر المحرمية بمجرد العقد احتياطا للفروج، ولأن بعض أهل العلم يصحح هذه العقود ()