تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما ضعيف البنية والمقاومة أو ضعيف الاتكال على الله تعالى أو ضعيف النفس صاحب الأوهام سريع الوسواس، فليس بملزم على الاحتكاك بالمرضى، بل عليه في هذه الأحوال أن يبتعد عن أسباب العدوى حفاظاً على سلامة توحيده وعقيدته بالله تعالى، وحفاظاً على صحته الجسمية والنفسية.

وإذا كان المسلك الثالث يبحث في خطة العمل عند التسليم تجاه المريض بمرض سار، فإن المسلك الرابع يبحث في واجب هذا المريض ليحدّ من انتشار مرضه المعدي إلى الآخرين.

4. المسلك الرابع: سمعته من فضيلة أحد العلماء الأعلام وهو أن النفي في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا عدوى " هو نفي بمعنى النهي على غرار قوله " لا ضرر ولا ضرار " () فإن الضرر بين الناس أمر واقع، فليس المقصود نفي وجوده وإنما المراد النهي عن إيقاعه أ هـ.

إن إيراد النهي بصيغة النفي يدل على المبالغة في النهي، فقولك: لا ضرر أبلغ في النهي من قولك: لا تضرّ وقولك: لا مزاح والأمر جد أبلغ في النهي من قولك: لا تمزح والأمر جد. وكذلك قول المعلم للتلميذ: لا لهو في الصف أبلغ من قوله لا تله.

فمعنى لا عدوى في هذا المسلك نهي عن مباشرة الأسباب التي تؤدي إلى سراية المرض إلى الآخرين. فعلى المصاب بالجرب مثلاً ألا يلمس الآخرين وألاّ ينام في فراش غيره، كما عليه أن يكافح مرضه. ومن كانت إبله مصابة بالجرب فعليه ألاّ يضعها إلى جانب إبل سليمة. ومن كان مصاباً بآفة سليّة مفتوحة على القصبات فعلية ألاّ يخالط الناس وأن يضع أمام فمه ما يصدّ به رذاذ سعاله عنهم إلخ.

إن النهي في مثل تلك الحالات مصرح به في أحاديث أخر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يورد ممرض على مصح". وقال في الوباء: " وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه" إن النهي عن الخروج واضح الحكمة بالنسبة لمرضى الوباء، لئلا ينشروا عدواهم إلى أماكن خالية من الوباء.أما حكمة النهي بالنسبة للأصحاء ظاهراً فلأن منهم من يكون حاملات للجرثوم، وهو غير مصاب لمناعته، أو يكون حاملاً للحشرات المحملات بجراثيم الوباء في ثيابه وحوائجه. وكثيراً ما يضطرب في الطب الحديث إلى حجر وعزل فئة أو حيّ أو بلدة أو قطر، وإلى حظر الناس من مغادرة المكان المحجور والدخول إليه، منعاً لانتشار الوباء إلى الأصحاء أو إلى أماكن سليمة. بل قد تضطر الدولة إلى إغلاق حدودها خوفاً من انتشار الوباء إليها كما فعلت بلغارية تجاه جائحة الكوليرا عام 1970، ولا يستثني من ذلك الحجر إلاّ من تسمح له الشروط الصحية التي تختلف بحسب نوع الوباء. وقد يكتفي بحجر السليم حجراً موقتاً بمدة حضانة الوباء ثم يسمح له بالانتقال إذا ثبتت سلامته مع تعقيم ثيابه وحوائجه حسبما يقتضي ذلك الوباء.

إن هذا المسلك الرابع في فهم " لا عدوى " يمكن تطبيقه في قوله صلى الله عليه وسلم " ولا طيره " المعطوف على " لا عدوى " فإن نفي الطيرة وهي التشاؤم لا يمكن أن يكون نفياً لوجودها بالجملة والكلية فإن كثيراً من الناس يتشاءموا.

وإبقاء معنى النفي في " ولا طيرة " يحتاج إلى تأويل هو: لا ارتباط بين وقوع ما تتوقعون من شر بما تتشاءمون منه. وما لا يحتاج إلي تأويل مقدم على ما يحتاج

لقد ورد لبعض العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " لا عدوى " القول بأنه نهي عن الاعتداء، قال في فتح الباري في آخر إيراده حديث باب لا هامة (الثاني): وقيل معنى قوله (لا عدوى) النهي عن الاعتداء، ولعل بعض من أجلب عليه إبلاً جرباء أراد تضمينه فاحتج عليه في إسقاط الضمان بأنه إنما أصابها ما قدر عليها وما لم تكن تنجو منه أ هـ.

هذا ما انتهى إليه الباحث الطبيب، وهو ذات ما انتهى إليه الشيخ محمد بن صالح العثيمين،والشيخ سلمان العودة، والشيخ القرضاوى فى فتاوى لهم منشورة على مواقع اسلاميات أون لاين، والإسلام اليوم، والإسلام على الخط، وفى الأخير ملف كامل عن الطب النبوى من بين بحوثه رؤية نقدية للدكتور عامر الحريرى مدرس الحديث النبوى بجامعة دمشق،بعنوان (أحاديث الطب النبوى واختلافها) خلص فيه إلى نحو ما عرضنا، وللشيخ السقاف كلام مقارب تحت عنوان ما ورد فى العدوى تجده بوقعه " الدرر السنية " وللأستاذ الدكتور محمد على البار كتاب جامع فى (العدوى بين الطب وأحاديث المصطفى).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير