تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخيرا نورد كلام العلامة ابن القيم ونصه (ذهب بعضهم إلى أن قوله " لا يورد ممرض على مصح " منسوخ بقوله " لا عدوى "، وهذا غير صحيح، وهو مما تقدم آنفاً أن المنهي عنه نوع غير المأذون فيه، فإن الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " لا عدوى ولا صَفَر " هو ما كان عليه أهل الإشراك من اعتقادهم ثبوت ذلك على قياس شركهم وقاعدة كفرهم، والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من إيراد الممرض على المصح فيه تأويلان:

أحدهما: خشية توريط النفوس في نسبة ما عسى أن يقدره الله تعالى من ذلك إلى العدوى، وفيه التشويش على من يورد عليه وتعريضه لاعتقاد العدوى فلا تنافي بينهما بحال.

والتأويل الثاني: أن هذا إنما يدل على أن إيراد الممرض على المصح قد يكون سبباً يخلق الله تعالى به فيه المرض، فيكون إيراده سبباً، وقد يصرف الله سبحانه تأثيره بأسباب تضاده أو تمنعه قوة السببية وهذا محض التوحيد بخلاف ما كان عليه أهل الشرك.

وهذا نظير نفيه سبحانه الشفاعة في يوم القيامة بقوله {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} فإنه لا تضاد الأحاديث المتواترة المصرحة بإثباتها، فإنه سبحانه إنما نفى الشفاعة التي كان أهل الشرك يثبتونها وهي شفاعة يتقدم فيها الشافع بين يدي المشفوع عنده وإن لم يأذن له، وأما التي أثبتها الله ورسوله فهي الشفاعة التي تكون من بعد إذنه كقوله {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وقوله {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وقوله {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} ().

ولا يخفى أن الأمر خطير فالبحوث العلمية تؤكد على أن العوامل الجينية أو الوراثية تلعب دورا واضحا فى معظم الاضطرابات النى يعانيها الإنسان، وبالإضافة إلى الأمراض ذات المنشأ الوراثى والتشوهات الخلقية أصبح معروفا اليوم أن معظم الاضطرابات الشائعة كالسكرى وارتفاع ضغط الدم، ومرض القلب التاجى، والفصام، والعديد من أشكال السرطان إنما تتأتى فى جانب منها من جينات غير سوية، يمكن أن تنتقل من الوالدين إلى الأطفال، أو قد يعود إلى الظهور مرة أخرى من جراء طفرة جديدة، وقد تظهر الملامح السريرية أو الإكلينيكية للمرض عند الولادة، أو يتأخر ظهورها سنوات عديدة، وفى كل حال فالأمراض الوراثية تشمل ألوفا من الاختلالات، بعضها شائع ومعروف وبعضها الآخر نادر الحدوث، وكما تقرر البحوث فإن 8% من الأطفال فى البلدان الصناعية يولدون وهم معرضون للتعوق المزمن، وخمسون بالمئة من هذه الحالات يقررها عامل الوراثة، أو يدخل فى عداد مسبباتها مقومات وراثية رئيسية، ويموت من جراء هذا النوع من الاضطرابات ما يعادل 2.5 من كل ألف طفل، وقد سجلت دولة الإمارات للعام 1997 فى وفيات الرضع معدلا بلغ ثمانية بالألف، وتشير الدلائل المتوفرة فى المناطق العربية إلى ارتفاع نسبى فى معدل الأطفال المولودين وهم مصابون باضطرابات وراثية، وتشير إحصائيات الإجهاض – فى أبو ظبى- إلى أن ما نسبته 31.5% من جملة الحالات يعزى إلى التشوهات الخلقية، وأن الزواج القائم على قرابة الدم يؤدى على وجه الخصوص إلى ظهور اضطرابات نادرة موروثة عن طريق الصفات المتنحية، وأخيرا فإن زواج مريضين بالثلاسيميا يعنى أن خطر إنجاب طفل مصاب بالثلاسيميا مؤكد بنسبة 1 إلى 4 ().وأحدث الاحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تؤكد ان عدد المعاقين فى مصر فى تزايد مستمر وانهم يمثلون حوالى 13% من اجمالى عدد السكان منهم حوالى 73% من اصحاب الاعاقة الذهنية ()

وحيث كان الأمر كذلك فلا يظن بأهل الشرع والقانون ألا أن يحتموا إجراء الفحص الطبى قبل الزواج، ويحمد لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة – فى عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن نهيان – مبادرتها باشتراط الفحص الطبى المسبق لطالب منحة الزواج، وحصوله على شهادة صحية تفيد خلوه من الأمراض المعدية خاصة أمراض العصر، على ما نص عليه قرار مجلس الوزراء رقم 204/ 8 لسنة 1995 الصادر بتاريخ 29/ 5/1995، وعلى غرار دولة الإمارات مضت كل من السعودية والاردن ومن المنتظر تعميم التجربة فى انحاء الوطن العربى، وإن كانت القوانين: الليبى (مادة 10) والسورى (مادة 15) واللبنانى (مادة 9) والأردنى (مادة 8) والعراقى (مادة 7) والكويتى (مادة 24) والسودانى (مادة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير