تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الدكتور أحمد عطية الغامدي: وأبو حنيفة وإن خالف السلف بتأخيره العمل عن ركنية الإيمان، فإنه لم يدع برأيه هذا أرباب الشهوات لإشباع شهواتهم، وتحقيق رغباتهم باللعب بالمحظورات، وانتهاك أستار الشريعة الإسلامية الغراء، كما فعل المرجئة الذين رفعوا اللَّوم عن العصاة، وفتحوا لهم الطريق إلى هتك محارم الله، دون خشية من عقاب الله تعالى، وهو: أن الإنسان في حِلٍّ ممّا يفعل، فلا تثريب عليه أبداً إذا هو اتصف بالإيمان! الذي هو عبارة عن التصديق عندهم فحسب، وأبو حنيفة حاشاه أن يقول بهذا القول، أو يقف هذا الموقف، فلا يجوز لنا أن نصفه بالإرجاء المطلق (17).

ومع هذا فإن أبا حنيفة لم يختص بهذا المذهب وحده، بل إنه مذهب لبعض أهل العلم ممن اشتغلوا بعلم الحديث وروايته، بل إن منهم من روى له الشيخان في صحيحهما.

قال محمد بن المرتضى اليماني المشهور بابن الوزير:

وفي كتب الرجال نُسب الإرجاء إلى جماعة من رجال البخاري ومسلم وغيرهما من الثقات الرفعاء، منهم: ذر ابن عبدالله الهمداني أبو عمر التابعي، حديثه في كتب الجماعة كلهم، وقال أحمد: هو أول من تكلم بالإرجاء (18).

وقيل: إن أبا حنيفة، رجع عن قوله، ووافق السلف في أن الأعمال من الإيمان، قال ابن أبي العز: والظاهر أن هذه المعارضات لم تثبت عن أبي حنيفة}! وإنما هي من الأصحاب، فإن غالبها ساقطة لا يرتضيها أبو حنيفة (19).

قوله في مسألة (خلق القرآن):

اعتقاد أبي حنيفة في القرآن، هو اعتقاد سائر الأئمة من سلف هذه الأمة، وهو ما دل عليه الكتاب والسنة من أن القرآن منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.

قال في الفقه الأكبر: والقرآن غير مخلوق (20).

وفي الوصية قال: ونقر بأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق (21).

ولهذا تتابع أهل العلم على إهمال الروايات المصرحة بأن أبا حنيفة يقول بخلق القرآن، وجزموا بأن مذهب أبي حنيفة عدم القول بخلق القرآن، كالإمام أحمد، وبشر ابن الوليد، والطحاوي، واللالكائي، وابن تيمية، وابن حجر، وغيرهم من العلماء (22).

أبو حنيفة بين التوثيق والتجريح:

أولاً: بالغ بعض الأحناف في توثيق أبي حنيفة، بل تجاوزوا إلى أن قالوا: بأنه فوق التوثيق، وهو ناقد.

ودليلهم صنيع الذهبي في تذكرة الحفاظ، بأن من ترجم لهم في التذكرة يؤخذ قولهم في الجرح والتعديل.

وقالوا: هو من الأئمة في الجرح والتعديل، لأن الفقيه لا بد أن يكون كذا وكذا، وأن له أربعة آلاف شيخ؟

وهذه مبالغة لا يُعَتدّ بها، وفق ميزان الجرح والتعديل.

ثانياً: أقوال المعدِّلين:

اختلف النقاد في الاحتجاج بحديثه على قولين: فمنهم من قبله ورآه حجة. ومنهم من لينه لكثرة غلطه في الحديث (23).

قال ابن معين فيما رواه عنه صالح بن محمد جزره وغيره: أبو حنيفة ثقة. وقال أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز عن يحيى بن معين فيه: لا بأس به.

قال أبو داود: رحم الله أبا حنيفة كان إماماً.

قال إسرائيل بن يونس: كان نعم الرجل النعمان، ما كان أحفظه لكل حديث فيه فقه، وأشد فحصه عنه، وأعلمه بما فيه من الفقه، وكان قد ضبط عن حماد فأحسن الضبط عنه (24).

ثالثاً: أقوال المجرِّحين:

قال علي بن المديني: قيل ليحيى القطان: كيف كان حديث أبي حنيفة؟ قال: لم يكن بصاحب حديث.

قال البخاري: ضعيف تركوا حديثه.

قال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، وهو كثير الغلط والخطأ على قلة روايته.

قال النَّضر بن شُميل: هو متروك الحديث.

وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غلط وتصحيف، وزيادات، وله أحاديث صالحة، وليس من أهل الحديث.

قال الثوري: ليس بثقة.

وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال مرة: هو أنبل من أن يكذب .. (25)، قلت: وبالجملة فهو إمام بلا مدافعة ولا منازعة ولكن أهل الحديث قد اختلفوا فيه كما تقدم.

وقد ذكره ابن شاهين في كتابه: "ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث منه (51) ومما قاله فيه: حديثه فيه اضطراب، وكان قليل الرواية، وكان بالرأي أبصر من الحديث، وإنما طعن عليه من طعن من الأئمة في الرأي، وإذا قلّ بصيرة العالم بالسنن، وفتح الرأي تكلم فيه العلماء بالسنن.

مؤلفاته:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير