ـ الأصل أن تحمل الديات على الرجال وذلك لأن النساء عادة لا يملكن شيئًا من الأموال الكثيرة، بل كل امرأة يتولى الإنفاق عليها زوجها أو ولي أمرها، والغالب أنها لا تتعرض للحوادث ونحوها، ولكن في هذه الأزمنة وُجد أن كثيرًا من النساء في كثير من الدول يقمن بقيادة السيارات، وقد يحصل منهن حوادث، وإذا كان كذلك وكان هناك عدد من النساء لهن أملاك ويملكن مؤسسات ففي هذه الحال نرى أنه يُفرض عليهن أن يتحملن شيئًا من الدية التي تنتج عن تلك الحوادث.
ـ الصحيح أن تحمل الدية يختص بالرجال البالغين، وأنه يختص بالأغنياء أو أهل القُدرة ولا تلزم الفُقراء، وأما الكبير والمُعاق فعليه قسط منها إذا كان له دخل أو له مال، وأما إذا كان فقيرًا أو لا يملك حاجته أو قد أثقله الدين فالصحيح أنه لا يحمل.
ـ ذكر العلماء أن الدية تلزم العاقلة وأنها تُؤجل عليهم لمُدة ثلاث سنين وأنها تُقسط عليهم على قدر عددهم ومن امتنع منهم أُلزم شرعًا أن يدفع مع قبيلته، لكن إذا حصل بينهم خصومات وخلافات نتج من آثارها المُقاطعة، ففي هذه الحال لهم أن يتخلوا عنهم ولا يحملون معهم إذا حصل لأولئك شيءٌ من الحوادث مُجازاة لهم على انفصالهم واختلافهم مع قبيلتهم.
ـ يحق الامتناع عن حمل الدية إذا كان السائق مخمورًا، بمعنى أنه تعاطى القيادة في حالة سُكره فيُعاقب بأن يحمل ما نتج عن الحادث الذي حصل منه وهو سكران عقوبة له وزجرًا لأمثاله، وأما إذا كان السائق صغيرًا فإن الأصل أن العاقلة تحمل جنايته ولو كانت عمدًا، لكن لا يجوز لوليه أن يُمكنه من قيادة السيارات وهو صغير سيما إذا كان غير ماهر في القيادة، لكن إذا تدرب وعرف كيف يقودها واحتيج إلى قيادته جاز له تمكينه ودخل مع العاقلة، وأما إذا كان مُتهورًا في سُرعته داخل حي سكني فالأولى أنه لا يُتحمل معه زجرًا له عن هذا التهور داخل الأحياء السكنية، وهكذا لو كان هناك قتل خطأ وكان الجاني وقت جُرمه مخمورًا حصلت منه الجناية في حال سُكره، وأما إذا كان المُتسبب في الوفاة ليس من الأسرة ولا من القبيلة وإنما هو أجنبي مكَّنه كفيله من القيادة، وكفيله من أفراد العاقلة فلا يلزم العاقلة أن يدفعوا عنه، فإن الكفيل أخطأ حيث التزم بما ينتج عنه من الحوادث وذلك مما لا يلزم عاقلته، وأما إذا كان الحادث مُتعلقًا بمؤسسة أو شركة تقوم بنقل الطُلاب فلا يلزم عواقلهم أن يدفعوا عنهم، وذلك لاختلاف العواقل ولأن تلك المؤسسات غالبًا تؤمن على سياراتها، ولأنها غالبًا تملك أموالا تكفي لتحمل الديات.
ـ هذه الصناديق العائلية هي مما يُخفف على القبيلة دفع الدية حيث إنهم يشتركون فيها ويجمعون الأموال سواء كان الدفع سنويا أو عند الحاجة، فمتى حصل الحادث كان المبلغ متوفرًا فيُدفع فورًا دون أن يحتاج إلى دفعه من الأفراد ولو كان يُدفع أقساطًا لمُدة ثلاث سنوات، وفي هذه الحال يختص هذا الصندوق بالمُشاركين فيه ولا يتعداهم إلى غيرهم ممن لم يشترك معهم ولو كان من العاقلة فلا بأس بهذا الاتفاق، وإذا حصل من الآخرين حادث فلأهل الصندوق أن يُحمِّلوهم أثر ذلك الحادث ولا يُساعدوهم إلا من باب الشفقة والرحمة ليكون ذلك دافعًا لهم على المُشاركة مع أقاربهم، ولا زكاة في هذا الصندوق لأنه ليس ملكًا لشخص مُعين بل قد خرج من ملكهم جميعًا، فإنهم يشترطون بأنه صدقة لا يحق لأحد استرداده، ولهم أن يشترطوا على أولياء الأحداث الصغار تحمل نسبة من الدية كالثلث أو الربع أو الخُمس ليكون زاجرًا لهم عن تمكين الصغار من قيادة السيارات. والله أعلم.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[04 - 07 - 07, 10:27 ص]ـ
العاقلة هم من يحملون دية الخطأ, وهم عصبة الرجل وأهل نصرته
فائدة: هذه فتوى أجاب عليها الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله
رقم الفتوى (3284)
موضوع الفتوى من هم العاقلة
السؤال س: من هم العاقلة؟ وما حدود دائرتها؟
ـ بمعنى إذا كان هناك أبناء عمومة يلتقون عند الجد الثالث مثلا، ويلتقون مع أبناء عمومة آخرين عند الجد الخامس، ويعيش معهم في نفس الحي عدد من أبناء القبيلة وكذلك نفر ينتمون إلى القبيلة انتماءً عن طريق حلف تم في عهد سابق، فأين توضع حدود دائرة العاقلة؟
¥