وقال في الصارم المسلول (3/ 690): فثبت بهذه الآية – أي آية الحرابة – أنَّ من تاب بعدَ أنْ قُدِرَ عليه لم تسقط عنه العقوبة ... ولهذا لم نعلم خلافاً يُعْتَمَدُ في أنَّ السارق أو الزاني لو أظهر التوبة بعد ثبوت الحد عليه عند السلطان لم يسقط الحد عنه، وقد رجم النبي – صلى الله عليه وسلم - ماعزاً والغامدية، وأخبر بحُسْنِ توبتهما، وحُسْنِ مصيرهما. اهـ
[10] قال ابن القيم – رحمه الله – في إعلام الموقعين (2/ 60) حيث قال: وَسَأَلْت شَيْخَنَا عَنْ ذَلِكَ ; فَأَجَابَ بِمَا مَضْمُونُهُ: بِأَنَّ الْحَدَّ مُطَهِّرٌ , وَأَنَّ التَّوْبَةَ مُطَهِّرَةٌ , وَهُمَا اخْتَارَا التَّطْهِيرَ بِالْحَدِّ عَلَى التَّطْهِيرِ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ , وَأَبَيَا إلَّا أَنْ يُطَهَّرَا بِالْحَدِّ , فَأَجَابَهُمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلَى ذَلِكَ وَأَرْشَدَ إلَى اخْتِيَارِ التَّطْهِيرِ بِالتَّوْبَةِ عَلَى التَّطْهِيرِ بِالْحَدِّ، فَقَالَ فِي حَقِّ مَاعِزٍ: " هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ " وَلَوْ تَعَيَّنَ الْحَدُّ بَعْدَ التَّوْبَةِ لَمَا جَازَ تَرْكُهُ , بَلْ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ كَمَا قَالَ لِصَاحِبِ الْحَدِّ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ: " اذْهَبْ فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك " وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ كَمَا أَقَامَهُ عَلَى مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ لَمَّا اخْتَارَا إقَامَتَهُ وَأَبَيَا إلَّا التَّطْهِيرَ بِهِ , وَلِذَلِكَ رَدَّهُمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِرَارًا وَهُمَا يَأْبَيَانِ إلَّا إقَامَتَهُ عَلَيْهِمَا , وَهَذَا الْمَسْلَكُ وَسَطٌ بَيْنَ مَسْلَكِ مَنْ يَقُولُ: لَا تَجُوزُ إقَامَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَلْبَتَّةَ , وَبَيْنَ مَسْلَكِ مَنْ يَقُولُ: لَا أَثَرَ لِلتَّوْبَةِ فِي إسْقَاطِهِ أَلْبَتَّةَ , وَإِذَا تَأَمَّلْت السُّنَّةَ رَأَيْتهَا لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْوَسَطِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال في زاد المعاد (5/ 30 ط الرسالة الجديدة) في فصل في قضائه – صلى الله عليه وسلم – على مَنْ أَقَرَّ بالزنا: ... وأنَّ المقر إذا استقال في أثناء الحد، وَفَرَّ = تُرِكَ ولم يتمم عليه الحد. فقيل: لأنه رجوع. وقيل: لأنه توبة قبل تكميل الحد، فلا يقام عليه؛ كما لو تاب قبل الشروع فيه، وهذا اختيار شيخنا.
[11] الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (4/ 315، 317) حيث قال في الموضع الأخير: المرجوم إذا هَرَبَ فإن صحت " هلا تركتموه " يترك، ثم قيده بمن جاء تائباً نادماً، وإلا فلا.
[12] الشرح الممتع (14/ 267) قال – رحمه الله –: أما من حيث النظر بالدلة فلا شك أنَّ الراجح هو قول الظاهرية لا سيما إذا وجد قرائن ... والمهم – على كل حال – أنّض درء الحدود بمثل هذه الشبهات البعيدة بعيدٌ عن الصواب.
وقال في التعليق على السيائة الشرعية (205): أما إذا كان مجرد إقرار، كأن أُمْسِكَ بِهِ، وقيل: أنت سارق فأقر، ولم يصف ما يوجب الحد؛ فإنه يقبل رجوعه للشبهة.
وهذا القول أدنى ما نقول في قبول رجوع المقر إذا رَجضعَ عن إقراره، وإلا فلو قيل: إنه لا يقبل مطلقاً لكان له وجهٌ، لأنه جاء وأقر، إلا أن يكون هناك ملابسات أنه اكره على أنْ يُقِر.
وقال أيضاً (291): وإذا أقر ثم رجع ... والصحيح: انه لا يسقط، لا سيما إذا وصف الجريمة ...
[13] أخرجه البخاري (5271)، ومسلم (1691) عن أبي هريرة – رضي الله عنه –.
[14] سيأتي الكلام مفصلاً عن هذه الزيادة في ملحق هذا البحث، والمتعلق بتخريجها.
[15] جاء من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أخرجه النسائي (4905) وقال النسائي عن الرواية الموقوفة في سننه الكبرى (7392): وهذا الصواب. وكذلك رجح الدارفطني وقفه في العلل (11/ 212)، وحسنه الألباني موقوفاً في حكم المرفوع.
وأخرجه ابن ماجه (2537) عن ابن عمر – رضي الله عنهما – وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده سعيد بن سنان ضعفه ابن معين وغيره. وقال الدار قطني: يضع الحديث. وحسنه الألباني!
¥