تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن تيمية: «إذا لم يعلم مقدار الربوي بل يخرص خرصاً مثل القلادة التي بيعت يوم حنين، وفيها خرز معلق بذهب فقال النبي ?: لا تباع حتى تفصل، فان تلك القلادة لما فصلت كان ذهب الخرز أكثر من ذلك الذهب المفرد فنهي النبي ? عن بيع هذا بهذا حتى تفصل؛ لأن الذهب المفرد يجوز أن يكون أنقص من الذهب المقرون، فيكون قد باع ذهباً بذهب مثله، وزيادة خرز وهذا لا يجوز، وإذا علم المأخذ فإذا كان المقصود بيع دراهم بدراهم مثلها وكان المفرد أكثر من المخلوط كما في الدراهم الخالصة بالمغشوشة بحيث تكون الزيادة في مقابلة الخلط لم يكن في هذا من مفسدة الربا شيء إذ ليس المقصود بيع دراهم بدراهم أكثر منها، ولا هو بما يحتمل أن يكون فيه ذلك، فيجوز التفاوت» ([27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn27)).

وهذا القول من ابن تيمية رحمه الله يهدم دعوى أن القلادة سلعة، ويجعل الحلية التي في القلادة مالاً ربوياً، ولذلك اشترط أن يكون الذهب المفرد أكثر من الذهب الذي في القلادة، حتى يكون الذهب بالذهب مثلاً بمثل، وما زاد في مقابلة الخرز، كمسألة مد عجوة ودرهم تماماً، ومسألة مد عجوة ودرهم لم يقل أحد ممن أجازها أو ممن منعها إنها ليست مالاً ربوياً. فصار قولهما حجة عليهما. ألا ترى إلى قول ابن تيمية «إذا لم يعلم مقدار الربوي بل يخرص خرصاً مثل القلادة التي بيعت يوم حنين ..... الخ كلامه، فهذا نص منه على أن الحلية التي مع الخرز هي مال ربوي. ولم يستطع أحد ممن قرأت له في هذه المسألة ممن صحح حديث فضالة أن يخرج من هذا الحديث بجواب مقنع.

ومن الأحاديث التي احتج بها الجمهور، والتي تعتبر نصاً في الموضوع،

ما رواه مسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث، فجلس فقلت له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت، قال: نعم، غزونا غزاة، وعلى الناس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك،

فبلغ عبادة بن الصامت فقام، فقال: إني سمعت رسول الله ? ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواء بسواء، عيناً بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى. فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا، فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله ? أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت، فأعاد القصة ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله ? وإن كره معاوية - أو قال: وإن رغم - ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء.

وجه الاستدلال:

احتج عبادة في المنع من بيع الآنية من الفضة بالفضة متماثلاً من نهي الرسول ? عن بيع الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل. ولم ير رضي الله عنه إلى أن الآنية من الفضة قد خرجت بالصنعة من كونها مالاً ربوياً، وفهم الصحابي أولى من فهم غيره، كيف وقد وافقه غيره من الصحابة كما سيأتي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأبي الدرداء. وأما رأي معاوية فهو لم يحتج لقوله إلا أنه لم يسمع من رسول الله ? شيئاً في النهي، كما قال: (ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله ? أحاديث قد كنا نشهده، ونصحبه فلم نسمعها منه)، وكونه لم يسمع ليس حجة على من حفظ وسمع، وعمر وأبو بكر قد تغيب عنهم سنة، ويحفظها غيرهم ممن هو دونهم فكيف بمعاوية رضي الله عن الجميع، فكيف إذا كان معاوية إنما قال ذلك برأيه واجتهاده، وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء كما سيأتي احتجا عليه بالسنة المرفوعة، ولذلك أغلظا له في الإنكار، وليس رأي معاوية صريحاً في أنه يرى أن الفضة تخرج بالصنعة من كونها مالاً ربوياً. فقد يكون رأي معاوية من رأي ابن عباس في أن الريا لا يجري إلا في النسيئة، ولذلك أجاز بيع الآنية من الفضة بأكثر من وزنها يداً بيد. ويحتاج من يريد أن يجعل رأي معاوية في الحلية إلى كلام صريح من معاوية رضي الله عنه في المسألة، فالقصة ليست صريحة في الباب.

يؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه رواه عن هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني برد بن سنان، عن إسحاق بن قبيصة، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت بنحوه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير