تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

باب: صلاة المسافر

(صلاة المسافر) أي كيفيتها من حيث القصر والجمع بجوازها تخفيفاً على المسافر لما يلحقه من مشقة السفر غالباً والأصل في القصر قبل الإجماع قوله تعالى: [وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنوكم الذين كفروا] النساء:101 وأخبار منها.

روى مسلم عن يعلي بن أمية قال: قلت لعمر إنما قال الله تعالى [إن خفتم] وقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله (ص) فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وروى الشيخان عن أنس قال: خرجنا مع النبي (ص) من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشراً.

وروى الدارقطني عن عائشة وصحح إسناده "كان النبي (ص) يقصر في السفر وتتم ويفطر وتصوم" وروى الترمذي وصححه عن عمران بن حصين قال: غزوت مع رسول الله (ص) وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين. وأصل الحديث في البخاري عن عكرمة عن ابن عباس وروى مسلم عن يحيى بن يزيد النهائي قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة قال: كان رسول الله (ص) إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين. والفرسخ ثلاثة أميال وروى مسلم عن ابن عباس أنه سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً إذ أئتم بمقيم فقال: تلك السنة.

(إنما تقصرُ رباعية مؤداه) فلا تقصر الصبح والمغرب (في السفر الطويل المباح) أي الجائز كسفر الحج والتجارة والجهاد والفسحة من غير معصية مقصودة (لا فائتة السفر) إذا قضيت في السفر فلا تقصر (ولو قضى فائتة السفر) أي أراد قضاءها (فالأظهر قصره في السفر دون الحضر) لأن الحضر ليس محل قصر (ومن سافر من بلدة) لها سور (فأول سفره مجاوزة سورها) المختص بها لأن كل ما هو واقع داخل السور معدود من البلدة ولا يضر وجود مواضع خربة ومزارع وملاعب ومجمع كناسة فيها (فإن كان وراءه عمارة) أي دور متلاصقة خارج السور (اشترط مجاوزتها في الأصح) لتبعيتها للبلد بالاتصال والإقامة (قلت الأصح لا يشترط والله أعلم) أي لا تشترط مجاوزتها لأنها لا تعتبر من البلد (فإن لم يكن سور) أو كان لها جزء سور وليس في اتجاه سفره (فأوله مجاوزة العمران) أي أول سفره حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل حتى النهر بين جانبيها فيعد منها (لا الخراب) الذي لا عمارة وراءه (و) لا (البساتين) والمزارع المتصلة بالبلد فلا تعتبر منها لأنها لم تتخذ للسكنى ولو كانت هذه المزارع محوطة أو كان فيها قصور أو دور تسكن لأنها لا تعتبر من البلد (والقرية كبلدة) فيشترط مجاوزة العمران فيها والقريتان المتلاصقتان قرية واحدة وأما المنفصلتان فيكفي مجاوزة إحداهما ولو كانتا بحيث جمعها سور واحد (وأول سفر ساكن الخيام مجاوزة الحّلة) وهي بيوت مجتمعة أو متفرقة بحيث يجتمع أهلها للسمر في نادٍ واحدٍ ويستعير بعضهم من بعض ويشترط تجاوز مرافقها كمطرح رماد وملعب صبيان ومعاطن إبل وحكم الحلتين المتقاربتين كحكم قريتين فيما ذكر (وإذا رجع) المسافر من سفره (انتهى سفره ببلوغ ما اشتُرِطَ مجاوزته ابتداء) من سور أو عمران وإن لم يدخلها (ولو نوى إقامة أربعة أيام بموضع انقطع سفره بوصوله) إلى الموضع الذي عينه لسفره بالنية ولو نوى إقامة ما دون الأربعة في موضع عينه أو في موضع مرَّ عليه وقرر الإقامة فيه لم ينقطع سفره في الحالتين أما لو نوى إقامة أربعة أيام فقد انقطع سفره وإذا أقام بدون نية انقطع سفره بتمامها وأصل ذلك خبر الصحيحين (يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثاً) وكان يحرم على المهاجرين الإقامة بمكة ومساكنة الكفار فالترخص في الثلاث يدل على بقاء حكم السفر بخلاف الاربعة ومنع عمر أهل الذمة الإقامة في الحجاز ثم أذن للتاجر منهم أن يقيم ثلاثة أيام. رواه مالك بإسناد صحيح. (ولا يحسب منها يوما دخوله وخروجه) أي لا يحسب من الاربعة (على الصحيح) لأن الأول يوم حط الرحال والثاني يوم الرحيل واختار السبكي مذهب الإمام أحمد أن الرخصة لا تتعلق بعدد الأيام بل بعدد الصلوات فيترخص بإحدى وعشرين صلاة مكتوبة لأنه المحقق من فعله (ص) حين نزل بالأبطح ولكن الصحيح أنه يمكنه صلاة ثلاث وعشرين صلاة. فلو دخل زوال السبت على أن يخرج زوال الأربعاء أتم ولو دخل زوال السبت على أن يخرج قبل زوال الأربعاء قصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير