تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الطريق النافذ ويعبر عنه بالشارع لا يُتَصرف فيه لعدم الاختصاص به بما يضر المارة لأن الحق فيه للمسلمين كافة ولا يشرع أي يخرجوا فيه جناح أي روشن وهو امتداد من البناء إلى الخارج، وهو ما يسمى البلكون، وهو يطلق على النافذة والكوة أيضاً، وسمي جناحاً لأنه يشبه جناح الطائر. ولا ساباط وهو سقيفة بين جدارين يضرهم وهو أن يكون له داران يكتنفان الطريق، فيصل بين سقفيهما بأخشاب أو غيرها، ثم يسقِّفها، ومثله أن يحفر سرداباً بينهما وتحت الطريق من واحدة إلى أخرى ما لم يطمئن إلى أنه لن ينهدم فيقطع الطريق أو يغوص به المارة بل يشترط لجواز فعله ارتفاعه بحيث ينتفي إضلام الموضع تحته وبحيث يمر تحته الماشي ومن على رأسه حمولة منتصباً إذا كان ممراً للمشاة فقط وإن كان ممر الفرسان والقوافل والسيارات فليرفعه وجوباً بحيث يمر تحته المحمل على البعير مع أخشاب المظلة فوق المحمل وهو ما يسمى المحارة، وكذا مرور السيارات بأنواعها وما تحمل فوقها عادة، وأما الذمي فيمنع من إخراج الجناح في شارع المسلمين لأنه كإعلاء بنائه على بنائهم بل هو أبلغ من ذلك. ويحرم الصلح على إشراع الجناح أو الساباط بعوض ولو مع الإمام لأن الهواء لا يفرد بالعقل وإنما يتبع القرار أي الأرض وما لا يضر المارة في الطريق يستحق الإنسان فعله من غير عوض كالمرور وكما يمتنع بناء الضار يمتنع إرسال ماء المجاري أو غيره للضرر، لما روى ابن ماجه عن ابن عباس وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار).

ولما روى الإمام أحمد والبيهقي عن عبد الله بن عباس قال: كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة فأصابه ماءٌ بدم فأمر بقلعه فأتاه العباس فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن جميع طرقه ضعيفة.

و يحرم أن يبنى في الطريق دَكَّةً أي مصطبة أو عتبة أو يغرس شجرة ولو اتسع الطريق وأذن الإمام وانتفى الضرر لأنه منع الناس من استحقاق الطروق الذي هو لهم من ذلك المكان، ولأنه إذا طال الزمان أصبح يشبه الأملاك فيملك، أما زراعة الشجر في المسجد فهو لجميع المسلمين، لذلك لا يمنعون ثمرها كالانتفاع بالمسجد، وأما غرس الشجر في الطريق فإن اتسعت وتحقق عدم الضرر أو زرع في موضع اختص به أصلاً فلا بأس بذلك. وقيل إن لم يضر جاز كإشراع الجناح، وهذا مردود بما تعلل من قبل. وغير النافذ يحرم الإشراع للجناح إليه لغير أهله بلا خلاف، وإن لم يضر لأنه ملكهم فأشبه الإشراع إلى الدور وكذا لبعض أهله في الأصح إلا برضا الباقين أي لا يصح الإشراع تضرروا به أم لم يتضرروا، وقيل له حق الانتفاع لأنه له حق الارتفاق بقراره فكذا بهوائه كالشارع، وفي الحالين يحرم الصلح على إشراعه بمال كما تقدم.

وأهله أي الدرب غير النافذ هم (من نفذ باب داره إليه لا من لاصقه جداره) من غير نفوذ بابه فيه لأن أولئك هم المستحقون الانتفاع به، فهم الملاك دون غيرهم وهل الاستحقاق في كلها أي في كل الطريق أم بجزء منها لكلهم لأنهم ربما احتاجوا إلى التردد أم تختص شركةُ كل واحد بما بين رأس الدرب وباب داره وجهان أصحها الثاني لأن المقدار هو محل تردده ومروره، وما بعده فهو فيه كالأجنبي، فعلم من ذلك أن من بابه آخر الدرب يملك وجميع ما بعد باب داره من الدرب فيمكن ضمه إلى بيته كما ويجوز له تقديم بابه لأنه مستحق الانتفاع بجميع الدرب. وليس لغيرهم فتح باب إليه للاستطراق إلا برضاهم لتضررهم بمرور الفاتح أو مرورهم عليه ولهم بعد الفتح برضاهم الرجوع متى شاءوا وإذا رجعوا امتنع مرور الفاتح ولا غرم عليهم بالرجوع متى شاءوا ولو واحد منهم لاشتراك الملك بينهم وأن الواحد كالجميع كما أنه لا يختص به وله فتحه إذا سَمَرَهُ في الأصح أي إذا أغلقه ودق عليه المسامير فله بعد ذلك فتحه لأن حق الاستطراق ثابت له فإذا سمره فقد امتنع من حقه مدة من الوقت ثم عاد إلى حقه ومن له فيه أي في الدرب باب ففتح أو أراد فتح باب آخر لم يكن موجوداً أبعد من رأس الدرب من بابه الأول فلشركائه أي الذين أبوابهم أبعد من القديم منعه أو أي واحد منهم لأنه بمثابة الجميع في حق الانتفاع والمنع حتى ولو أراد إغلاق الأول لأنه شاركهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير