تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأن الضامن متبرع فكان تبرعه على حسب التزامه والأصح أنه يصح ضمان المؤجل حالاً لتبرعه بالتزام التعجيل وهو على خلاف الرهن لأن الرهن وثيقة بعين وهي لا تقبل تأجيلاً ولا حلولاً والضمان ضمُّ ذمة إلى ذمة والذمة قابلة للالتزام الحال مؤجلاً والمؤجل حالاً والأصح أنه لا يلزمه التعجيل أي لا يلزم الوفاء به كما لو التزمه الأصيل

وللمستحِقِ أي صاحب الدين مطالبة الضامن والأصيل اجتماعاً وانفراداً وأن يطالب كلاً ببعض الدين لبقاء أصل الدين على المكفول للخبر السابق (الزعيم غارم) والأصح أنه لا يصح الضمان بشرط براءة الأصيل لمنافاة الشرط المقتضي الضمان وقيل يصح لخبر جابر في قصة أبي قتادة قال: (فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (هما عليك في مالك والميت منها بريء) فقال: نعم، فصلّى عليه النبي صلى الله عليه وسلم) قال الحاكم صحيح الإسناد، قيل هذا في الميت وقيل هذا في المستقبل وقيل يصح الضمان فقط ولا يبرأ ولو أبرأ المستحَقُ الأصيلَ من الدين بريء الضامن منه لسقوطه ولا عكس أي لو أبرا المستحق الكفيل من الضمان لم يبرئ الأصيل من الدين لأنه قبول دين من غير وثيقة كفك الرهن ولو مات أحدهما والدين مؤجل حلَّ عليه لخراب ذمته دون الآخر فلا يحل عليه لأنه ينتفع بالأجل فإن كان الميت هو الأصيل فللضامن أن يطالب المستحق بأخذ الدين من تركته أو إبرائهِ لأن التركة قد تهلك فلا يجدُ وفاءً لدينه وإن كان الميتُ الضامن وأخذ المستحِق الدين من تركته لم يكن لو رثته الرجوع في الدين على المضمون عنه قبل حلول أجل الدين لأنه قوت الوفاء به.

وإذا طالبَ المستحِقُ الضامنَ فله أي الضامن مطالبة الأصيل بتخليصه بالأداء للدين المضمون له ليبرأ الضامن هذا إن ضمن بإذنه لأنه هو المسبب له في ما هو فيه والأصح أنه لا يطالبه بالدين الحالِّ قبل أن يُطالبَ هو بالدين كما لا يغرمه الدين قبل أن يغرم هو.

وللضامن الرجوع على الأصيل إن وُجِدَ إذنه في الضمان والأداء لأنه إنما صرف ماله لغيره بإذنه وإن انتفى فيهما أي الضمان والأداء فلا رجوع له لأنه متبرع فإن إذن له في الضمان فقط أي دون الأداء رجع في الأصح لأن الضمان هو الأصل فالإذن فيه إذن فيما يترتب عليه ولا عكس في الأصح أي إذا ضمن بلا إذن وأدى بالإذن لأن وجوب الأداء كان بسبب الضمان ولو أدى مكسراً عن صحاح أو صالح على مائة بثوب قيمته خمسون فالأصح أنه لا يرجع إلا بما غرم لأن المدفوع فلا يأخذ إلا ما دفع وقيل يجوز لأنه أبرأ ذمة المدين والمسامحة جاءت له فهو أحق بها ومن أدى دين غيره بلا ضمان ولا إذن فلا رجوع له على المدين لأنه متبرع وإن أذن له بالأداء بشرط الرجع رجع عليه وفاء بالشرط وكذا إن أذن له إذناً مطلقاً على شرط الرجوع رجع في الأصح فلو قال له: ادفع عني ديني أو أدِ عني أقساط سيارتي وهي كذا وكذا فله الرجوع للعرف بذلك ولأن الأداء كان بإذن المدين أما لو قال: اشترِ لي رغيفاً أو زجاجة عصير فلا رجوع لأنه مما يتسامح فيه الناس عادة والأصح أن مصالحته أي المأذون له بالأداء على غير جنس الدين لا تمنع الرجوع لأن الإذن إنما مقصوده البراءة وقد حصلت ويرجع بالأقل من قيمة الدين أو المؤدى فلو صالح عن ثوب قيمة عشرة بخمسة أو عن عشرة بثوب قيمة خمسة رجع بخمسة في الحالتين.

ثم إنما يرجع الضامن والمؤدي إذا أشهد بالأداء رجلين أو رجلاً وامرأتين لأنه الذي تثبت به الحقوق المالية وكذا رجل ليحلف معه في الأصح إذ الشاهد مع اليمين بينة بالحق فإن لم يشهد أي الضامن بالأداء فلا رجوع إن أنكر ربُّ الدين الأداء إن أدى في غيبة الأصيل وكذبه الأصيل لأن الأصل عدم الأداء وهو مقصر بعدم الإشهاد وكذا إن صدقه في الأصح وكذبه ربُّ الدين لأن المطالبة باقية فلم ينتفع من دفعه عن دينه فإن صدقه المضمونُ له وكذبه المضمون عنه أو أدى الدينَ بحضرة الأصيل المدين رجع على المذهب في الحالتين لسقوط الحق في الأولى باعتراف صاحب الدين ولأنه أدى بحضرة المدين في الثانية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير