تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا فُقِدَ قَصْدُ أحدهما أي الفعل أو الشخص بأن وقع عليه فمات أو رمى شجرة فأصابه فمات أو رمى شخصاً فأصاب غيره فمات فخطأ لعدم قصد عين الشخص وإن قصدهما أي الفعل والشخص بما لا يقتل غالباً فشبه عمد لأنه أشبه العمد في قصده ومنه الضرب بسوط أو عصا خفيفتين لا يقتلان عادة من غير موالاة للضرب وفي غير المَقَاتِل فلو غرز إبرة بِمَقْتلٍ كدماغ أو عين أو حلق أو إحليل أو مثانة فعمدٌ لخطر الموضع وشدة تأثره وكذا بغيره أي غير مَقْتَل كالألية والفخذ واليد إن تورم وتألم حتى مات فعمد لظهور أثر الجناية وسرايتها إلى الهلاك فإن لم يظهر أثرٌ ومات في الحال فشبه عمد لأن مثله لا يقتل عادة وقيل عمْدٌ لأن الموت في الحال يشعر بإصابته في مقتل خفي وقيل لا شيء فيه من قصاص أو دية لأن مثله لا يقتل عادة فكأن الموت بسبب آخر ولو حبسه ومنعه من الطعام والشراب والطلب للطعام والشراب حتى مات بسبب المنع فإن مضت مدة يموت مثله فيها غالباً جوعاً أو عطشاً فعمدٌ وإلا فإن لم يكن به جوع وعطش سابق على الحبس فشبه عمد لأنه لا يقتل غالباً وإن كان به جوع وعطش سابق على الحبس فشبه عمد لأنه لا يقتل غالباً وإن كان به جوع وعطش وعلم الحابسُ الحال فعمدٌ لظهور قصد الإهلاك فقتله بما يقتل غالباً فهو كما لو قتله بالسيف وإلا أي إن لم يعلم الحال فلا أي فليس بعمد في الأظهر لأنه لم يقصد إهلاكه ويجب القصاص بالسبب المؤدي للقتل مثل ترويته في البئر فيجب فيه القصاص كما يجب في المباشرة فلو شهدا بقصاص أي شهد رجلان بقصاص على رجل فقُتِلَ بحكم القاضي بناءً على شهادتها ثم رجعا عن الشهادة وقالا تعمدنا الكذب في الشهادة لزمهما القصاص إلا أن يعترف الولي أي ولي الدم بكذبهما بالشهادة فلا قصاص عليهما ويكون القصاص على الولي أخرج البخاري عن الشعبي (أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما فقال: (لو أعلم أنكما تعمدتما الشهادة عليه لقطعت أيديكما)). وغرمهما دية يده.

ولو ضيّفَ بمسموم صبياً أو مجنوناً فمات وجب القصاص لأنهما تمييز لهما وقيد بعضهم القصاص بالصبي غير المميز لأنه كالآلة أما المميز فله اختيار وتجب دية مغلظة أو ضيف به بالغاً عاقلاً ولم يعلم حال الطعام فدية ولا قصاص لأنه تناوله باختياره من غير إكراه وفي قول قصاص ورجحه كثيرون مستدلين بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في قتل اليهودية التي سممت له الشاة بخيبر وهذا مردود من جهتين الجهة الأولى: أنها أهدتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي أضاف أصحاب والجهة الثانية أنه صلى الله عليه وسلم عفا عنها أولاً فلما مات بذلك بشر بن البراء بن المعرور قتلها. فقد روى أصحاب السنن ومسلم عن عائشة وعن أبي هريرة وعن جابر (أن يهودية بخيبر أهدت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة مصليَّة، فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إرفعوا أيديكم فإنها قد أخبرتني أنها مسمومة) فأرسل إلى اليهودية فقال: (ما حملك على ما صنعت؟) فقالت: قلت إن كنت نبياً لم يضرك الذي صنعت وإن كنت ملكاً أرحنا الناس منك فأكل منها بشر بن البراء بم معرور فمات فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهودية فقتلها وقال صلى الله عليه وسلم: ما زالت أكلة خيبر تُعادني فهذا أَوانُ قطعت أبهري). وقوله تعادني: أي يأتيني ألمها في أوقات معلومة، أبهري: هو شريان القلب الذي يحمل إليه الدم.

وفي قول لا شيء لأنه تناوله باختياره وهو بعيد لأنه متسبب بالقتل كمن حفر بئراً في طريق الناس فتردى بها إنسان فهلك. ولو دسَّ سماً في طعام شخص الغالب أكْلُهُ منه فأكله جاهلاً فمات فعلى الأقوال في المسألة التي قبلها فعليه دية شبه عمد في أظهر الأقوال.

ولو ترك المجروح علاج جُرْحٍ مهلكٍ جَرَحَهُ إياه آخر فمات وجَبَ القصاص لأن العلاج لا يوثق أنه يحقق البرء فلا يمنع ترك العلاج القصاص من الجاني ولو ألقاه في ماء لا يعد مغرقاً كمنبسط فمكث فيه مضطجعاً حتى هلك فهدرٌ لأنه المهلك لنفسه فلا قصاص ولا دية أو مغرق لا يخلص منه إلا بسباحة فإن لم يحسنها أو كان مكتوفاً أو زمناً أو عاجزاً فَعَمْدٌ يوجب القصاص وإن منع منها أي السباحة عارضٌ كريحٍ وموجٍ فشبه عمد أي فمات فشبه عمد يوجب الدية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير