تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جرى في لفظ العفو عنه لفظ وصيةٍ كأوصيت له بأرش هذه الجناية فوصية لقاتل فالمشهور صحتها وحينئذ يسقط الأرش إذا خرج من الثلث أو أجاز الوارث الوصية وإن لم يدز الوارث سقط من الإرث قدر الثلث.

أو جرى في العفو لفظ إبراء أو لفظ إسقاط أو لفظ عفو عن الجناية سقط الأرش قطعاً وقيل ما جرى في هذه الألفاظ وصية فيعتبر الثلث. وتجب الزيادة عليه أي الزيادة على الأرش إلى تمام الدية للسراية وفي قول إن تعرض في عفوه عن الجناية لما يحدث منها سقطت الزيادة وقيل لا تسقط لأن إسقاط الشيء غير ثبوته. قال جماعة غير صحيح وقال آخرون هو صحيح إذن وُجِدَ سببه. فلو سرى إلى عضو آخر فاندمل ضمن دية السراية في الأصح لأنه إنما عفا عن موجب جناية موجودة فلا يتناول غيرها وقيل لا يضمن لأنها سراية معفو عنه.

ومن له قصاص نفس بسراية طرف قُطِعَ لو عفا عن النفس فلا قطع له لأن مستحَقَهُ القتل وقد عفا عنه أو كان عفا عن الطرف فله جزُّ الرقبة في الأصح كلاً منها حقه وقيل لا لأن استحقاق القتل نتيجة القطع الساري وقد عفا عنه ولو قطعه ثم عفا عن النفس مجاناً أي عفا الولي عن النفس بعد القطع مجاناً فإن سرى القطع بان بطلان العفو ووقعت السراية قصاصاً لأن السبب وجد قبل العفو وترتب عليه مقتضاه فلم يؤثر فيه العفو. وإلا أي إن لم يسرِ قطع الولي بل وقف فيصح عفوه لأنه أثر في سقوط القصاص.

ولو وكّل ثم عفا بعد التوكيل فاقتصَّ الوكيل من الجاني جاهلاً بالعفو فلا قصاص عليه لأنه معذور بجهله والأظهر وجوب دية عليه لتقصيره بعدم التثبت قبل الإقدام على القصاص وأنها أي الدية عليه لا على عاقلته مغلظة لورثة الجاني والأصح أنه لا يرجع بها على العافي لأنه محسن بالعفو وما على المحسنين من سبيل وقيل يرجع لأنه غرهولو وجب قصاص عليها أي وجب قصاص على امرأة فنكحها عليه أي جعل القصاص صداقاً جاز وسقط القصاص لأن ذلك يتضمن العفو فإن فارق قبل الوطء رجع بنصف الأرش لتلك الجناية وفي قول يرجع بنصف مهر مثل لأن مهر المثل هو بدل البضع والمعتمد الأول.

? كتاب الديات ?

الديات جمع دية: وهي شرعاً المال الواجب بالجناية على حرٍّ في نفس أو غيرها وبناءً على هذا فإن الحكومة أو الأرش تسمى دية. والأصل فيها قوله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة ودية مسلَّمةٌ إلى أهله) النساء92.

وما روى النسائي عن أبي بكر بن محمد عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمين (وفي النفس مائة من الإبل)، وقال ابن المنذر في الإشراف (أجمع أهل العلم على أن دية الرجل مئة من الإبل).

في قتل الحرِّ المسلم مائة بعير مثلثة في العمد: ثلاثون حقةً وثلاثون جذعةً وأربعون خَلِفَةً أي حاملاً. فقد روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل متعمداً سُلِّم إلى أولياء المقتول فإن أحبوا أخذوا العقل: ثلاثين حقةً وثلاثين جذعةً وأربعين خلفةً في بطونها أولادها)). والبعير يطلق على الذكر والأنثى والدية هذه مغلظة من حيث السنِّ وأنها على الجاتي دون عاقلته وأنها حالة غير مؤجلة.

ومخمسةٌ في الخطأ عشرون بنتَ مخاض وكذا بناتُ لبون وبنو لبون وحقاق وجذاعٌ فقد أخرج الترمذي وغيره من ابن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في دية الخطأ بمائة من الإبل مخمسَّةٌ: عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقةً وعشرون جذعةً)، وهذه الدية مخففة من ثلاثة أوجه: كونها على العاقلة ومؤجلة لا حالَّةٌ ومخمسّة فإن قتل خطأ في حرم مكة أو الأشهر الحرم: ذي القعدة وذي الحجة والمحرّم ورجب أو فعل شخصٌ قريباً له محرماً ذا رحم كالأم أو الأخت مثلثة أي تكون الدية مغلظة في القتل في حرم مكة أو في الأشهر الحرم أو قتل أحد المحارم من ذوي الرحم. وبذلك أفتى ابن عمر وابن عباس وابن مسعود وغيرهم من الصحابة ولم ينكر ذلك أحدٌ من الصحابة فكان إجماعاً. وانفراد المحرمية عن الرحم كما في المصاهرة والرضاع لا تغليظ فيه وكذلك انفراد الرحمية عن المحرمية فلا تغليظ في أولاد الأعمام والأخوال والخطأ وإن تثلث فعلى العاقلة مؤجلةٌ أي أن صفة التغليظ إيجاب دية العمد في الخطأ لا غير ولا يجمع بين تغليظين. فقد روى الترمذي عن أبي شريح الكعبي (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير