تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو استعانوا علينا بأهل حرب وآمنوهم أي عقدوا لهم عقد أمان لم يَنْفُذْ أمانهم علينا فيجوز لنا قتلهم مقبلين ومدبرين ويجهز على جريحهم ويجوز سبي ذراريهم ويتخير الإمام فيمن أسر منهم بين القتل والمنِّ والاسترقاق والفداء لأن شرط صحة العقد لهم أن لا يقاتلوا المسلمين فإن وقع العقد على شرط قتال المسلمين لم يصح هذا العقد ونفذ عليهم أمانهم أي ينفذ على أهل البغي لأنهم قد بذلوا لهم الأمان فوجب عليهم الوقاية والثاني أنهم لا يكونون في أمان منهم لأن من لم يصحَّ أمانه في حق بعض المسلمين لم يصحَّ في حقِّ الآخرين.

ولو أعانهم أي أعانوا أهل البغي أهل الذمة عالمين بتحريم قتالنا انتقض عهدهم كما لو انفردوا بقتال المسلمين أو أعانوهم مكرهين فلا ينتقض عهدهم لشبهة الإكراه وكذا لا ينتقض عهدهم إن قالوا ظننا جوازه أي أنه يجوز لنا إعانة بعض المسلمين على بعض أو قالوا ظننا أنهم محقون فيما فعلوه وأن لنا إعانة المحق فلا ينتقض عهدهم على المذهب لموافقتهم لطائفة من المسلمين مع إمكان تصديق دعواهم بالجهل ويقاتلون كبغاة إذا قلنا بعدم انتقاض عهدهم لأن الأمان حقن دماءهم كماأن الإسلام حقن دماء البغاة.

? فصل في شروط الإمام الأعظم?

الإمامة فرض كفاية كالقضاء إذ لابد للأمة من إمام يقيم الدين وينصر السنة ويستوفي الحقوق ويجهز الجيوش في جهاد الكفار ويأخذ الجزية والصدقة ويضعها مواضعها. فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الإمام جُنّةً يُقاتل من ورائه ويُتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر وإن يأمر بغيره كان عليه منه)).

شرط الإمام كونه مسلماً ليراعي مصلحة الإسلام والمسلمين مكلفاً ليَليَ أمر الناس فلا تصح إمارة صبي ولا مجنون إجماعاً. حراً ليكون موقراً مهيباً كاملاً. أما ما رواه مسلم عن أم الحصين (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اسمعوا وأطيعوا وإن أُمِّرَ عليكم عبد حبشي)) فمحمول على غير الإمامة العظمى وهو حث على طاعة الإمام لأنها قضية شرطية ذكراً ليتمكن من مخالطة الرجال وليتفرغ لمصالح الأمة فقد روى البخاري عن أبي بكرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة)) فاقتضى الخبر أنها إذا وليت فسدُ أمر مَنْ وَليتْهُم.

قرشياً لقوله صلى الله عليه وسلم: (الأئمة من قريش) رواه النسائي عن أنس وروى البخاري عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الناس تبع لقريش)). وروى الشيخان عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بق منهم اثنان)). عدلاً عالماً مجتهداً ليعرف الأحكام ويعرف الناس شجاعاً ليغزو بنفسه ويقود الجيوش ويدبر أمرها ويقهر الأعداء ويقيم الحدود ذا رأي وسمع وبصر ليعرف الناس ويدبر مصالحهم الدينية والدنيوية. وتنعقد الإمامة بطرق أحدها البيعة كما بايع الصحابة أبا بكر رضي الله عنه وكان أول من بايعه عمر بن الخطاب فقد روى البخاري عن عمر أنه قال لأبي بكر: (بل نبايعُكَ أنت سيدُنا وخيرنُا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عمر بيده فبايعه الناس)، والأصح أم المعتبر هو بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم، والمعتبر بيعة أهل الحلِّ والعقد من العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس وأقلهم ثلاثة وذلك أقل الجمع عندنا ولا يلتفت لاجتماع العامة لأنهم تبع لأهل الاجتهاد وقيل يشترط كونهم أربعين رجلاً. وشرطهم صفة الشهود أي ذكراً بالغاً عاقلاً مسلماً عدلاً ولابد أن يكون بينهم مجتهدٌ على الأقل لينظر في الشروط المعتبرة في الإمامة.

وباستخلاف الإمام تنعقد البيعة أيضاً وذلك بتعين شخص في حال حياته ليكون خليفة له على أن تجتمع فيه شروط الإمامة ويقال عند ذاك عَهِِدَ إليه كما عَهِدَ أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما فلو جُعِلَ الأمر شورى بين جمع اثنين فصاعداً فكاستخلاف في الحكم غير أن المستخلف غير معين فيتشاورون فيرتضون أحدهم بعد موت الخليفة كما جعل عمر الأمر شورى بين ستة: علي والزبير وعثمان وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة، فاتفقوا على عثمان رضي الله عنه وأرضاه وباستيلاء جامع الشروط اللازمة للإمامة تنعقد الإمامة وذلك بأن قهر الناس بشوكته وجنوده من غير عهد ولا بيعة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير