تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي قول يضمن الباغي ما أتلفه من نفسٍ أو مالٍ ولو كان الإتلاف في قتال. قال تعالى: (ومن قُتِلَ مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً) الإسراء33. والباغي ظالم ويُرَدٌّ على هذا أن علياً رضي الله عنه قاتل أهل الجمل وقتل منهم خلقاً عظيماً وأتلف مالاً عظيماً ثم مَلَّكَهُم ولم يُنقل أنه ضمن أحداً منهم ما أتلف من نفس أو مال فدل على أنه إجماع.

والمتأول بلا شوكة أي بلا قوة وامتناع لا يثبت له شيء من أحكام البغاة فحينئذ يضمن ما أتلفه ولو في قتال. وعكيع كباغٍ وهو من له شوكة بلا تأويل فحكمه في الضمان وعدمه مثل حكم الباغي ولا يقاتل البغاة حتى يبعث الإمام إليهم أميناً فطناً ناصحاً يسألهم ما ينقمون فقد بعث عليٌ ابنَ عباس إلى أهل النهروان من الخوارج فرجع بعضهم إلى طاعة الإمام وأبى كثيرون فإن ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها فقد أخرج عبدالرزاق في المصنف (أن علياً رضي الله عنه لما كاتب معاوية رضي الله عنه وحكَّمَ خرج من معسكره ثمانيةُ آلاف ونزلوا بحروراء وأرادوا قتاله فأرسل إليهم ابن عباس رضي الله عنه، فقال لهم: ما تنقمون منه؟ قالوا: ثلاثٌ، فقال ابن عباس: إن رفَعَها رجعتُم؟ قالوا: نعم، قال: وماهي؟ قالوا: حكَّمَ في دين الله ولا حكم إلا لله، وقتل ولم يَسْبِ فإن حلَّ لنا قَتْلُهُم حلَّ لنا سَبيُهُم، ومحا اسمه من الخلافة فقد عزل نفسه يعنون اليوم الذي كتب فيه الكتاب بينه وبين أهل الشام فكتب فيه: أميرُ المؤمنين، فقالوا: لو أقررنا بأنك أمير المؤمنين ما قاتلناك فمحاه من الكتاب) فإن أصرّوا بعد الإزالة نصحهم بالعودة إلى الطاعة ولزوم الجماعة ثم إن لم يرجعوا آذنهم أي أخبرهم بالقتال فإن استمهلوا أي جعلوا إنكارهم مدة إجتهد الإمام في الإمهال وعدمه وفعل ما رآه صواباً من الإمهال وعدمه ولا يُقَاتِلُ مُدْبرَهم إذا وقع قتال ولا مُثخَنَهم وهو من أضعفته الجراح عن القتال وأسيرهم لايُقْتَلُ ولا يُطْلَقُ أسيرهم خاصة إذا كان شاباً جَلِداً ما دامت الحرب قائمة إذ بحبسه تضعف البغاة، روى الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن ابن عمر عن ابن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أمِّ عبدٍ ما حُكْمُ من يفيء من أمتي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: لا يُتْبَعُ مُدْبِرهُم ولا يجاز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم ولا يُقْسَمُ فَيؤُهُم). وإن كان أي حتى وإن كان أسيرهم صبياً وامرأة حتى تنقصي الحرب ويتفرق جمعهم إلا أن يطيع باختياره وذلك بمبايعة الإمام والرجوع عن البغي إلى الطاعة فيطلق بعد انقضاء الحرب. قال تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) الحجرات9. وَيَرُدُّ الإمام وجوباً سلاحهم وخيلهم إليهم إذا انقضت الحرب واُمِنَتْ غائلتهم أي شرهم بتفرقهم أو رجوعهم إلى الطاعة لأنهم إنما قوتلوا لدفع شرهم وكفهم على الاعتداء وقد حصل ذلك ولا يُسْتَعْمَلُ في قتال أي سلاحهم وخيلهم إلا لضرورة وذلك بأن لم يجد أهل العدل إلا سلاحَهُم وخيلهم للدفاع فيستعملونه. فقد روى البيهقي في السنن عن أبي هرَّة الرقاشي عن عمه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: (ألا إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)).

ولا يُقَاتَلُون بعظيم كنار ومنجنيق والمنجنيق هو آلة تُرمَى بها الحجارة على مواقع العدو عادة إلا لضرورة بأن قاتلوا به فنحتاج إلى المقاتلة بمثله لدفعهم عنّا أو أحاطوا بنا ولم يمكننا كفهم وردهم إلى الطاعة ولا يُستعان عليهم بكافر لأنه يحرم تسليطه على المسلم ولا بمن يرى قتلهم مدبرين لأنه لا يُأمَنُ أن يفعل ذلك إلا أن يكون بنا حاجة إليهم وعلى الإمام عند ذاك منعهم من قَتْلهم مدبرين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير