تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويحترز راكب الدابة عمّا لا يُعْتاد فعله في طريق المشاة كركض شديد في وَحَلٍ أو في مكان يجتمع فيه الناس فإن خالف ضمن ما تولد منه لتعديه أما الركض المعتاد فلا يضمن ما يحدث وقيل يضمن في الحالين ومن حمل حطباً على ظهره أو على بهيمة وهو معها فحكَّ بناء فسقط هذا البناء ضمنه ليلاً أو نهاراً لأنه المتسبب بالتلف وإن دخل حامل الحطب سوقاً فتلف به أي بالحطب نفس أو مال ضمن ما تلف بالحطب إن كان زحام لتقصيره بالدخول في مكان ازدحم فيه الناس فإن لم يكن زحام وتمزق بالحطب ثوب مثلاً فلا يضمنه إن كان لابس الثوب مستقبلاً البهيمة لأن عليه الاحتراز منها إلا ثوبَ أعمى ومستدبر البهيمة فيجب تنبيهه أي كلاً من الأعمى والمستدبر فإن لم ينبهه ضمن لتقصيره. وإنما يضمنه إذا لم يقصِّر صاحب المال فإن قصَّر بأن وضعه أي المال بطريق أو عرضه للدابة فلا ضمان على صاحب الحطب لأن صاحب المال هو المقصر بتعريضه للضياع فإن كانت الدابة وحدها من دون صاحبها فأتلفت زرعاً أو غيره نهاراً لم يضمن صاحبها أو ليلاً ضمن لما روى مالك في الموطأ والشافعي في المسند وأحمد وأبو داوود وغيرهم عن البراء بن عازب قال: (كانت لي ناقة ضارية فدخلت حائطاً فأفسدت فيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها نهاراً وعلى أهل المواشي حفظها ليلاً وأن عليهم ما تتلفه مواشيهم ليلاً وهو على وفق العادة في حفظ الزرع ونحوه نهاراً وحفظ الدواب ليلاً إلا أن لا يفرط في ربطها أي لا يأتي تفريط من صاحب الدابة في حفظها ليلاً بأن أحكم رباطها فانحل أو أغلق الباب عليها ففتحه لص أو انهدم الجدار فخرجت الدابة فأتلفت فلا ضمان لعدم التقصير أو فرط صاحب الدابة في ربطها ولكن حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها عنه فلا يضمن صاحب الدابة لتفريط صاحب الزرع في الدفع عن زرعه.

وكذا لا ضمان على صاحب الدابة إن كان الزرع في مَحُوطٍ له باب تركه صاحب الزرع مفتوحاً لتفريط صاحب الزرع.

وهرة تتلف طيراً أو طعاماً إن عُهِدَ ذلك منها ضمن مالكها أي الذي يؤديها يضمن ما تتلفه في الأصح ليلاً كان أو نهاراً لأن ما عُهِدَ منها ذلك يجب أن تربط ويكف شرها وقيل لا ضمان لأن العادة في الهرة ألا تربط وإلا أي وإن لم يعهد ذلك منها فلا يضمن مالكها في الأصح لأن العادة أن يحفظ الطعام عن الهرة لا أن تربط الهرة والثاني يضمن في الليل دون النهار كسائر الدواب.

? كتاب السِيَر ?

السير جمع سيرة مثل سدر وسدرة وهي الطريقة الهيئة والحالة والمقصود بالكلام ذكر الجهاد وأحكامه وعدل عن الترجمة به لأن الأحكام المودعة فيه ملتقاة من سير رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته والأصل فيه قبل الإجماع آيات كقوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) البقرة190، وقوله تعالى: (وأذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا) الحج39، وقوله تعالى: (انفروا خفافاً وثقالاً) التوبة41.

وأخبار كخبر الصحيحين عن عمر وأبي هريرة وابن عمر (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) وخبر الصحيحين عن أنس (والذي نفسي بيده لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها).وخبر الصحيحين عن عائشة (لا هجرة بعد الفتح).

وروى البخاري عن زيد بن جالد الجُهَنِي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خَلَفَ غازياً في أهله وماله بخير فقد غزا). وقد غزا رسول الله سبعاً وعشرين غزوة في تسع سنين قاتل في ثمان منها بنفسه وهي: بدر وأحد والمريسيع والخندق وقريظة وخيبر وحنين والطائف وكان الجهاد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض كفاية فإذا فعله البعض سقط الفرض عن الباقين قال تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً) [النساء: 95].ففاضل سبحانه وتعالى بين المجاهدين والقاعدين والمفاضلة لا تكون إلا بين جائزين ولو كان القاعد تاركاً لفرض لَمَا وعِدَ بالحسنى وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج بنفسه تارة ويبعث بالسرايا تارة فدل ذلك على أنه ليس فرضاً على الأعيان وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني لحيان وقال: (ليخرج من كل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير