تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأصح رفع مسلم على ذمي لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه قيل وجوباً وقيل جوازاً فقد روى البيهقي عن الشعبي قال: (خرج علي رضي الله تعالى عنه إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعاً فعرفها علي، فقال: هذه درعي بيني وبينك وقاضي المسلمين فأتيا شريحاً فلما رأى القاضي علياً قام من مجلسه وأجلسه وجلس شريح أمامه إلى جانب النصراني فقال له علي: (لو كان خصمي مسلماً لجلست معه بين يديك ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تساووهم في المجالس‘ اقضِ بيني وبينه يا شريح)).

وإذا حضر الخصمان أمام القاضي وجلسا أو وقفا بين يديه فله أن يسكت حتى يتكلما وله أن يقول ليتكلم المدعِي منكما إذا لم يعرف اسمه أو أراد إعطاء الهيبة لمجلس القضاء فإذا ادعى المدعِي طالب القاضي خصمه بالجواب فإن أقر المدعيَ عليه فذاك

أي فيلزمه ما أقرَّ به وإن أنكر فله أن يقول أي القاضي للمدعِي ألك بينة أي حجة من شهود وغير ذلك تثبت ما تدعيه وله أن يسكت مخافة أن يتهم بأن يلقن المدعي الحجة ويميل إليه والأول أصح فإن قال المدعي لي بينة وأريد تحليفه فله ذلك لأن المدعي عليه قد لا يحلف ويقر فيستغني المدعي من إقامة البينة أو أراد أن يحلف المدعي عليه فيظهر المدعي بينته ويظهر كذب المدَّعى عليه أمام القاضي وهيئة المحكمة. أو قال المدعي لا بينة لي وحلّف المدعى عليه ثم أحصرها أي أحضر المدعي البينة قُبِلت في الأصح لاحتمال نسيانها أو ضياعها عند الطلب أو لظنه عدم قبولها في أول الأمر وإذا ازدحم خصوم مدعون في مجلس القاضي ولا اعتبار للمدعى عليه قدم الأسبق فالأسبق منهم فإن جُهِلَ الأسبق منهم أو جاؤوا معاً أقرع بينهم وقدم من خرجت قرعته ويقدم مسافرون مُسْتوفزون أي متهيئون للسفر خائفون من انقطاع رفقة على المقيمين ونسوة على رجال وإن تأخروا أي مسافرون ونسوة في القدم إلى القاضي مالم يكثروا بحيث يحصل ضرر لغيرهم لا يحتمل. ولا يقدم سابق ولا قارع أي من خرجت قرعته إلا بدعوى واحدة فقط لئلا يزيد ضرر الباقين.

ويحرم اتخاذ شهود معينين لا يقبل القاضي غيرَهم لما في ذلك من التضييق على الناس وتضييع الكثير من الحقوق. قال تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) البقرة28، فعمَّ بالشهود ولم يخصَّ وإذا شهد شهود فعرف عدالة أو فسقاً عَمِلَ بعلمه فيهم فإذا ادعى إنسان على آخر حقاً فأنكره وأقام المدّعِي شاهدين فإن علم القاضي فِسْقَهما ظاهراً وباطناً أو باطناً لم يقبل شهادتهما وإن علم عدالتهما ظاهراً وباطناً قَبِلَ شهادتهما بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك. قال تعالى: (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) البقرة282، فربط الشهادة بالرضا.

وروى البيهقي في السنن عن خرشة بن الحرِّ (أن رجلاً ادعى رجل حقاً فأنكر فشهد بذلك شاهدان فقال عمر: لا أعرفكما ولا يضركما أي لا أعرفكما فأتياني بمن يعرفكما).

وإلا وجب الاستزكاء أي إذا لم يعرفهم القاضي وجب أن يطلب من يزكيهم كما في فعل عمر في الحديث السابق وفيه (فقال – يعني عمر – أتعرفهما؟ قال: نعم، فقال: كنت معهما في السفر الذي يتين فيه جواهر الناس؟ قال: لا، قال: هل عرفت صباحهما ومساءهما؟ قال: لا، قال: هل عاملتهما بالدرهم والدينار التي تقطع بها الرحم؟ قال: لا، قال: يا ابن أخي ما تعرفهما ائتياني بمن يعرفكما)، ولم يكن له مخالف في الصحابة وكان عمر يبحث عن عدالة الشهود والاستزكاء يكون بأن يكتب القاضي ما يتميز به الشاهد والمشهود له وعليه من الأسماء والحرف وأسماء السكن ومكان العمل مما يحصل به التمييز وكذا يكتب قدر الدين على الصحيح لأن من الناس من يغويهم الكثير دون القليل فيفسد ذممهم وقيل العدالة لا تختلف بقلة المال وكثرته. ويبعث به بما كتبه مزكياً يبحث عن حال الشهود ويجب أن يكون المزكي اثنين من أهل العدالة ويمسان أصحاب المسائل لأنهم يُبْعَثُونَ ويسألون ويسن أن يكون بعثهما سراً وأن لا يعلم أحدهما بالآخر لئلا يجمعهما الهوى على تعديل مجروح أوجرح عدل. ثم يشافهُهُ أي القاضي المزكي بما عنده من حال الشهود ويلح عليه القاضي بالسؤال حتى يبين جميع ما يعرفه وقيل تكفي كتابته أي كتابة المزكي إلي القاضي الذي أرسله بما عنده وشرطه أي شرط المزكي كشاهد أي في كل ما يشترط في الشاهد مع معرفة المزكي لكل من الجرح والتعديل أي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير