تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو شهد أي شهد الشاهدان لاثنين بوصية من تركة فشهدا أي شهد المشهود لهما للشاهدين بوصية من تلك التركة قُبِلَت الشهادتان في الأصح لانفصال كلِّ شهادة عن الأخرى والأصل عدم التواطؤ في الشهادة بينهم.

ولا تقبل الشهادة لأصل ولا فرع فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن شريح (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجوز شهادة الابن لأبيه ولا الأب لابنه ولا تجوز شهادة المرأة لزوجها ولا الزوج لامرأته)). والمرء يميل بطبعه إلى ولدة ووالده فقد روى الشيخان عن المسور بم مخرمة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فطمة يريبني ما رابها)) وفي رواية فمن أغضبها أغضبني.

وكذا تقبل شهادتهما على أبيهما بطلاق ضرة أمهما طلاقاً بائناً أو قذفها أي قذف الضرة قذاً مؤدياً إلى للعان الذي يؤدي لفراقها في الأظهر لضعف تهمة نفع أمهمابذلك وإذا شهد شخص بحق لفرع أو أصل له وأجنبي كأن قال المسكن لأبي ولفلان قبلت تلك الشهادة للأجنبي في الأظهر بناءً على القول في جواز تفريق الصفقة.

قلت أي النووي وتقبل الشهادة لكل من الزوجين للآخر. قال تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) الآية282، ولم يفرق بين الزوج وغيره وقيل لا تقبل لخبر شريح السابق لأن كلاً منهما وارث لا يُحْجَبُ فأشبه الأب.

ولأخ وصديق أي وتقبل شهادة أخٍ لأخيه ومن صديق لصديقه لعموم قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) الآية282. والله أعلم لضعف التهمة.

ولا تقبل شهادة من عدو لوجود التهمة لما روى الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقبل شهادة خَصْم ولا ظنين ولا ذي غمر على أخيه)) وذي الغمر أي الحاقد الذي يحمل الغلَّ والكراهية.

وهو أي العدو من يبغضه بحيث يتمنى زوال نعمته ويحزن بسروره ويفرح لمصيبته وذلك قد يكون من الجانبين أو قد يكون من أحدهما على الآخر فتردُّ شهادته عليه وتقبل الشهادة له أي للعدوإن لم يكن أصلاً له أو فرعاً إذ لا تهمة.

وكذا تقبل الشهادة عليه في عداوة دين ككافر ومبتدع لأن العداوة لأجل الدين لا تردُّ الشهادة فمن أبغض فاسقاً لفسقه أو قدح فيه بما هو واجب عليه كفلان لا يحسن الفتوى فلا تستفتوه لم تردَّ شهادته لأن هذه نصيحة للناس. فقد روى البيهقي في السنن وابن عبدالبرِّ في التمهيد والسيوطي في الجامع الصغير عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اذكروا الفاسق بما فيه تعرفه الناس)).

وتقبل شهادة مُبْتَدعٍ لا نكفرُهُ ببدعته فجمهور الفقهاء لا يكفرون أحداً من أهل القبلة قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: ذهب الناس في تأويل القرآن والأحاديث إلى أمور تباينوا فيها تبايناً شديداً واستملَّ بعضهم من بعض ما تطول حكايته وكان ذلك متقادماً. منه ما كان في عهد السلف إلى اليوم فلم نعلم أحداً من سلف الأمة يُقْتَدى به ولا من بعدهم من التابعين ردَّ شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله، فلا تردُّ شهادة أحد بشيء من التأويل كان له وجه يحتمل وإن بلغ فيه استحلال المال والدم.

ورى أصحاب السنن عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة))، فجعل الكل من أمته لا مُغفّل لا يضبط ولا مبادر بالشهادة قبل أن يسألها فكل منهما متهم ويستثني من المبادر ما ذكر في قوله وتقبل شهادة الحسبة في حقوق الله تعالى فقد روى الشيخان عن عمران بن الحصين (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم يشهدون ولا يستشهدون)) فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون ولا يستشهدون ذم لهم.

وأما حديث مسلم الذي يرويه عن زيد بن خالد الجهني (ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها) فإن هذا محمول على أهل الحسبة الذين يتطوعون لنشر الخير واحقاق الحق احتساباً للأجر من عند الله تعالى وأما حقوق الله تعالى فهي: كالصلاة والزكاة والصوم والحج ولو عَنْ ميت وكفارة وفيما له فيه حق مؤكد أي لله فيه حق مؤكد ولا يحتاج إلى رضا الآدمي بأن يقول من غير دعوى أنا أشهج أو عندي شهادة أن فلاناً أخ في الرضاعة لفلانة أو أن فلانة التي ترغب في النكاح هي مزوجة من فلان وتسمع شهادة المحتسب تمنع ما يترتب على ما ذكر من أمور وحّدٍّ له أي لله تعالى كحد الزنا وقطع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير