ومن مسَّه رقٌّ فعتق فلا ولاد عليه لأحد إلا لمعتقه وعصبته لأنه الذي باشر عتقَهُ ولو نكح عبدٌ مُعْتَقَةٌ فأتت بولدٍ فولاءه لوملى الأمِّ لأنه المنعم عليه فإن عتقه كان بسبب عتق أمِّه فإن أعتقَ الأب انجرَّ إلى مواليه أي موالي الأب لأن الولاء فرع النسب والنسب إلى الآباء دون الأمهات وإنما ثبت لومالي الأم لعدمه من جهة الأب ولو مات الأب رقيقاً الجدُّ انجر الولاء من موالي الأم إلى مواليه أي موالي الأب وقيل لا ينجر لموالي الجدِّ بل يبقى لموالي الأمِّ ختى يموت الأب رقيقاً فينجر عندئذ إلى موالي الجدِّ لأن وجود الأب يمنع انجرار الولاء إلى الجد.
ولو ملك هذا الولد الذي من العبد والعتيقة أباه جرَّ ولاء إخوته لأبيه من موالي الأم إليه لأن أباه عتقَ عليه فثبت له الولاء عليه وعلى أولاده من أمه ومن عتيقة أخرى. وكذا يجرُّ ولاء نفسه إليه في الأصح كإخوته قلت: الأصح المنصوص لا يجره أي ولاء نفسه من موالي الأمِّ إليه بل يستمر الولاء لهم والله أعلم لأنه لو جره إلى نفسه لكان لنفسه ولاءٌ وهذا لا يمكن.
? كتاب التدبير ?
التدبير لغة: النظر في عواقب الأمور وشرعاً: أن يعلق عتق عبده بموته وهو مأخوذ من الدُّبُر لأن الموت دبر الحياة وهو تعليق عتق بصفة لا وصية والأصل في الباب قبل الإجماع خبر الشيخين عن جابر (أن رجلاً دبر غلاماً ليس له غيره فباعه فباعه النبي صلى الله عليه وسلم) فتقريره صلى الله عليه وسلم له وعدم إنكاره يدل على جوازه.
قال المصنف رحمه الله صريحه أي التدبير أنت حرٌّ بعد موتي أو إذا مِتُّ فأنت حرٌّ أو متى متُّ فأنت حرٌ أو أعتقتُكَ بعد موتي وكذا دبرتك أو أنت مُدَّبرٌ على المذهب المنصوص وقيل هو كتابة لخلوه عن لفظ العتق أو الحرية ويصح التدبير بكناية عتق مع نية كخليتُ سبيلك بعد موتي لأ، التدبير نوع من العتق فدخلته كنايته.
ويجوز التدبير مقيداً كما يجوز مطلقاً فالمطلق أن يقول أنتَ حرٌّ بعد موتي أو إذا أنا مت فأنت حرٌّ والمقيد: كأن يقول إذا مِتُّ في ذا الشهر أو في ذا المرض أو في هذه السنة فأنت حرٌّ.
ويجوز التدبير أيضاً مُعلقاً على أمر هذه الحياة كإن دخلت الدار فأنت حرٌّ بعد موتي لأ، ه إما وصية أو تعليق عتق بصفة وهو المعتمد كلاهما يقبل التعليق فإن وجدت الصفة ومات السيد عتق وإلا توجد الصفة فلا يعتق ويشترط الدخول قبل موت السيد لأنه علق التدبير على شرط فإن ملت السيد وهو وقت التدبير قبل وجود الشرط بطل الشرط كما يجوز تعليق العتق على شرط بعد الموت فإن قال السيد إن مِتُّ ثم دخلتَ الدار فأنت حرٌّ فإذا مات السيد ثم دخل العبد الدار عَتَقَ أي اشتراط دخول بعد الموت عملاً بمقتضى اللفظ من الترتيب بثم وهو أي الدخول بعد الموت على التراخي فلا يلزم الفورية بالدخول وليس للوارث بيعه قبل الدخول إذ ليس له إبطال تعليق الميت كما لو أوصى لشخصٍ بشيء ثم مات ليس للوارث أن يبطل الوصية وإن كان للموصي إبطالها حال حياته.
وإذا قال إذا مِتُّ ومضى شهر فأنت حرٌّ فللوارث استخدامه في الشهر لا بيعه لأنه ليس للوارث إبطال تعليق المُورِثِ كما أن هنا العتق معلقٌ بصفة وليس تدبيراً ولو قال السيد لعبده إن شئت فأنت مدبَّرٌ أو أنت حرٌّ بعد موتي إن شئت اشترطت المشيئة متصلة اتصالاً لفظياً لأن الخطاب يقتضي جواباً فورياً وإن قال له متى شئت أو مهما شئت فللتراخي ويشنرط المشيئة في الصورتين قبل موت السيد.
ولو قالا لعبدهما إذا متنا فأنت حرٌّ لم يعتق حتى يموتا معاً أو مرتباً فإن مات أحدهما فليس لوارثه بيع نصيبه ولو تأجيره واستخدامه فموت أحدهما يجعل نصيب الآخر مدبراً ونصيب الميت لا يكون مدبراً بل باقٍ على تعليقه ولا يصح تدبير مجنون وصبي لا يميز وكذا مميز في الأظهر لأ، عباراتهم لغو لرفع القلم عنهم ويصح التدبير من سفيه وكافر أصلي حربي أو ذمي وتدبير المرتدِّ يُبْنَى على أقوال ملكه فتدبيره موقوف فإن عاد للإسلام بانت صحة تدبيره وإن لم يعد بطل تدبيره.
ولو دَبَّرَ ثم ارتدَّ السيد لم يبطل تدبيره عى المذهب لأ، المودة لا تؤثر فيما سبقها فإن مات عتق العبد.
¥