3 - ومنها حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا عند أحمد والبخاري ومسلم وأبي داود "من تصبّح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر".
4 - ومنها حديث ابن عباس مرفوعا، عند أحمد والبخاري ومسلم: "الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء".
5 - ومنها حديث أبي هريرة مرفوعا عند أحمد والترمذي "العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم، والكمأة من المن، وفيها شفاء للعين"، وروى نصفه الثاني البخاري ومسلم وأحمد والنسائي مرفوعا من حديث سعيد بن زيد.
6 - وحديث أبي هريرة مرفوعا عند أحمد والبخاري ومسلم، ومثله عند أحمد عن عائشة، وعند ابن ماجه عن عمر مرفوعا: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام" والسام الموت.
7 - ومنها حديث أحمد والبخاري وأبي داود عن أبي هريرة مرفوعا: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه، فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر دواء". زاد أحمد في رواية: "وإنه يتقي بجناحيه الذي فيه الداء، فليغمسه كله"، وأخرجه كله أحمد والنسائي وابن ماجه من رواية أبي سعيد الخدري مرفوعا.
8 - ومنها الأحاديث الواردة في العدوى:
فمنها حديث أبي هريرة مرفوعا: "لا يُورِدَن ممرض على مصح"، رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود. الممرض هو الذي له إبل مريضة، نهاه أن يوردها على الإبل الصحيحة. ومنها حديث أبي هريرة عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة".
9 - ومنها أحاديث الطاعون، كحديث أسامة بن زيد وعبد الرحمن بن عوف عند البخاري "إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها" رواه مسلم.
10 - ومنها حديث عند الإمام أحمد مرفوعا: "إن في أبوال الإبل وألبانها شفاء".
فهذه الأحاديث المذكورة في هذا النوع الثاني، ونحوها من الأحاديث التي تدخل في صلب الأمور الطبية والعلاجية، لا ينبغي أن تؤخذ حجة الطب والعلاج، بل مرجع ذلك إلى أهل الطب، فهم أهل الاختصاص في ذلك. وقد يتبين في شيء من هذه الأحاديث الخطأ من الناحية الطبية الصرفة، وكما قال القاضي عياض: ليست في ذلك محطة ولا نقيصة، لأنها أمور اعتيادية يعرفها من جربها.
لكن قد يبدو لبعض أهل العلم في شيء منها ملحظ صحيح يكون قرينة على أنها تشريع، فتخرج بذلك عن أن تكون من هذا النوع الثاني، وتدخل في النوع الأول، وتعتبر حجة في باب الطب، كما ظهر لنا في الفئات الست. والله أعلم.
إثبات فاعلية هذه الأدوية والمعالجات
إنه وإن قلنا في أحاديث هذا النوع الثاني وأمثالها: إنها ليست حجة في الأمور الطبية، فإنه لا ينبغي مع ذلك اطراحها بالكلية، بل ينبغي أن تثير احتمالا بالصحة، كسائر الأقوال الطبية المأثورة عن أهل التجارب والمعرفة من غير أهل الاختصاص، بل هي أولى منها، للشبهة في أنها قد تكون مبنية على الوحي، ولو كانت شبهة ضعيفة، ولا يخفى ماذا حدث في الطاعون المتقدم ذكره من الحكمة البالغة التي يؤيدها الطب الحديث كل التأييد.
ولذا أرى أن تخضع للتحليل وللتجارب على الأسس المتعارفة عند أهل الاختصاص. فإن وجدت صالحة أدخلت حيز العمل، ويكون التحليل والتجريب هو الحجة في صلاحيتها، دون كونها مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة وأن الكثير منها لا يثبت من حيث الرواية بطريق القطع أو شبهه على الوجه الذي تقدم بيانه.
تناول الأدوية المأثورة على أساس الاعتقاد الإيماني
ذكر ابن خلدون رحمه الله بعد كلامه الذي نقلناه سابقا حول كون الطب المنقول في الشرعيات عن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يحمل على أنه مشروع، قال: "إلا إذا استعمل على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني، فيكون له أثر عظيم في النفع، وليس ذلك في الطب المزاجي، وإنما هو من آثار الكلمة الإيمانية". وقال ابن حجر: "استعمال كل ما وردت به السنة بصدق ينتفع به من يستعمله، ويدفع الله عنه الضرر بنيته، والعكس بالعكس".
الأمور الطبية الصرفة هي من صميم الأمور الدنيوية، لا يكفي فيها مجرد الإيمان.
الأمور الطبية الصرفة هي من صميم الأمور الدنيوية، لا يكفي فيها مجرد الإيمان.