قال ابن رجب في (فتح الباري):
حديث: عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أميطي عنا قرامك هذا؛ فإنه لا يزال تصاويره تعرض في صلاتي)).
((القرام)): قيل: أنه ثوب من صوف، فيه ألوان من العهون، ويتخذ سترا، أو كلة.
وقال الخطابي: هو ستر رقيق. قال: ويشبه أن تكون عائشة سترت به موضعا كان عورة من بيتها؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ستر الجدر.
قلت: حديث النهي عن ستر الجدر إسناده ضعيف.
ولكن خرج مسلم من حديث عائشة، أنها أخذت نمطا فسترته على الباب، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى النمط، فعرفت الكراهة في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: ((أن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين)).
وفي ((مسند الإمام أحمد))، عنها في هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((أتسترين الجدر يا عائشة؟)) قالت: فطرحته، فقطعته مرفقتين، فقد رأيته متكئا على إحداهما، وفيها صورة.
وخرج مسلم من حديث عائشة، قالت: كان في بيتي ثوب فيه تصاوير، فجعلته إلى سهوة في البيت، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه، ثم قال: ((يا عائشة أخريه
عني))، فنزعته، فجعلته وسائد.
وفي ((الصحيحين))، عنها، قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هتكه، وقال: ((أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله عز وجل)). قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين.
وفي ((صحيح مسلم)) عنها، قالت: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حولي هذا؛ فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا)).
فهذه ثلاث علل قد علل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كراهة الستر.ويشهد للتعليل الثالث: حديث سعيد بن جمهان، عن سفينة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى بيت فاطمة، فأخذ بعضادتي الباب، وإذا قرام قد ضرب في ناحية البيت، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع، فتبعه علي، فقال: ما رجعك يا رسول الله؟ قال: ((أنه ليس لي ولا لنبي أن يدخل بيتا مزوقا)).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه.