ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[27 - 08 - 08, 01:34 ص]ـ
استدل الأخ الكريم محمد الحمدان على اشتراط الحرز لإقامة حد السرقة بثلاثة أدلة، وهي:
1 - الأجماع.
2 - حديث: ((ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين فبلغَ ثمن المِجن ففيه القطع)).
3 - أن السارق في اللغة من جاء مستترا إلى حرز ولمَّا لم يأت في الشرع ما يصرف هذا اللفظ عن معناه اللغوي بقينا على الإصل.
وكنت أنتظر من الإخوة الكرام المشاركة بمناقشة هذه الأدلة، ولكن لما انشغل الإخوة عن ذلك أحببت أن أكتب ما لدي، فأقول:
مع ما يعضد الأخ الكريم من أقوال كثير من الأيمة إلا أنني لم أجد دليلا واضحا على اشتراط الحرز لإقامة حد السرقة، بل وجدت في السنة ما يخالف ذلك كما سيأتي _ بإذن الله _.
- فأما الإجماع فهو أبعد ما يمكن أن يستدل به؛ فكيف يستدل به مع عدم ثبوت نص عن أحد الصحابة أو التابعين _ على الأقل _ بذلك، وكيف يكون مع الخلاف المعروف فيه، فقد خالف في ذلك أهل الظاهر وطائفة من أهل الحديث وروي ذلك عن أحمد وإسحاق وغيرهم.
فالحاصل أن الاستدلال بالإجماع بعيد كل البعد، فلننظر في الأدلة الأخرى.
- وأما الحديث الذي أوردته فلا يخفى عليك كلام أهل العلم فيه، ولكن على التسليم بقبوله ليس فيه دلالة على ما تريد فلم يتطرق الحديث إطلاقا إلى مسألة الحرز، بل ما أفاد إلا الكمية المعتبرة في السرقة أو بتعبير آخر (نصاب السرقة) وهذا ظاهر من الحديث فقد جاء فيه: ((فبلغَ ثمن المِجن ففيه القطع)) وفي لفظ: ((ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن)) فأفادت أن المسروق إذا بلغ ثمن المجن _ وهو ثمن ما يؤويه الجرين _ فقد بلغ حد النصاب فليقطع السارق، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن ثمن قالت: ربع دينار.
فالحديث لا يدل على ما ذكرت لا من قريب ولا من بعيد، بل يدل على عكس ذلك حينما قال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في أول الحديث: ((من أصاب منه بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه)) فمفهوم هذا أنه إذا اتخذ خبنة فعليه الحد، مع العلم بأنه في الحالتين لا يوجد حرز، فمناط الحكم على الكمية أو النصاب لا على الحرز.
وهذا مع أنه قد ثبت في السنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قطع من سرق من غير حرز، ومن ذلك الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع يد سارق سرق برنسا من صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم.
فأين الحرز؟!!
- وأما الدليل الثالث فيجاب عنه بالحديث الأخير فهو صريح في أن السرقة لغة تجوز أن تكون على ما أخذ من غير حرز، هذا مع أنه قال في القاموس المحيط: ((قفَّ الصيرفي: سرق الدراهم بين أصابعه))، وقال في الصحاح: ((القفَّاف: الذي يسرق الدراهم بين أصابعه)) فأين الحرز هنا؟!
وما ذكرته عن المختلس والمنتهب والغاصب لا علاقة له بما نحن فيه؛ فكونهم يأخذون من غير حرز لا يدل على أن السرقة لا تكون إلا من حرز.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[16 - 02 - 09, 10:17 م]ـ
أرفعه؛ لأستفيد من ردودكم ومشاركاتكم.