[[للنقاش] ما دليل اشتراط الحرز لحد السرقة؟]
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إخوتي الكرام، لا يخفى عليكم أن طائفة من الفقهاء قد ذهبت إلى اشتراط الحرز لأقامة حد السرقة.
ولما رأيت هذه المسألة محل نظر واجتهاد أحببت أن أطرح موضوعا حول هذه المسألة لنستفيد من الإخوة والمشايخ الفضلاء.
ثم إني أتمنى من الإخوة الكرام أن يكون مدار الكلام هنا حول هذه الجزئية الصغيرة وهي ذكر أدلة من يشترط الحرز لإقامة حد السرقة وأدلة المخالف، ثم مناقشة هذه الآارء وهذا بغض النظر عن أقوال العلماء المعروفة في المسألة، وبغض النظر عما يتعلق بمسائل الحرز الأخرى كأنواعه ونحو ذلك.
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 11:16 م]ـ
* عدم اشتراط الحرز هو قول الظاهرية، وهو محكيٌّ عن عائشة والحسن والنخعي، وقال ابن قدامة عن ذلك: وهذه أقوالٌ شاذّةٌ، غيرُ ثابتةٍ عمَّن نُقلت عنه. قال ابن المنذر: وليسَ فيه خبرٌ ثابت ولا مقالٌ لأهل العلم إلا ما ذكرناه فهو كالإجماع، والإجماع حجة على من خالفه.اهـ من المغني (12/ 426) وذكر ابن قدامة في موضعٍ لاحق أنَّه مجمعٌ على اشتراطه (انظر: المغني 12/ 435).
إذن نقول:
الدليل الأول: الإجماع المنقول، وعدم ثبوتِ المُخالِف.
الدليل الثاني: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلَّقِ فقال:.". ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين فبلغَ ثمن المِجن ففيه القطع"
وهذا الأثر على اختلاف ألفاظه فيه فيه أمور:
الأول: الاختلاف في صحّته، وقد راوه أبو داود وابن ماجه وأحمد وغيرهم، وحسّنه الألباني في الإرواء (8/ 69 - 71) وفي تعليقه على السنن.
الثاني: ألفاظه تدلُّ على أن القطع متعلّق بعد أن يُحفظ الثمر في الخزائن، والخزائن والصوامع من أحرازٌ للثمر، فيدلُّ على أنَّ كلَّ مسروقٌ لا بُدَّ أن يكون مسروقاً من حرزٍ لكي يُقطع.
الثالث: أنّه أصل الاستدلال على الحرز كما ذكر ذلك ابن عبد البر في التمهيد.
الدليل الثالث: أن السارق في لغة العرب من جاء مستتراً إلى حرز (كما جاء ذلك في لسان العرب والقاموس المحيط) إذ الألفاظ الشرعية أتت بلغة العرب، فالألفاظ التي لم يأتِ بيان حقيقتها في الشرع فإنَّها يُرجعُ فيها للغة العرب.
ويدلُّ لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس على المختلس قطع) -صححه الألباني وغيره-.
إذ إن المختلس يُفارق السارق، ومن أبرز محاور الاختلاف: الحرز، يقول ابن القيم:
وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم، وترك قطع المختلس والمنتهب والغاصب فمن تمام حكمة الشارع أيضا؛ فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه؛ فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطعه لسرق النَّاس بعضُهم بعضاً، وعظم الضرر، واشتدت المحنة بالسرَّاق، بخلاف المنتهب والمختلس؛ فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلِّصوا حقَّ المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلةٍ من مالكه وغيره، فلا يخلو من نوع تفريطٍ يمكن به المختلس من اختلاسه، وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ لا يمكنه الاختلاس، فليس كالسارق، بل هو بالخائن أشبه.
وأيضاً: فالمختلس إنما يأخذ المال من غير حرز مثله غالباً، فإنه الذي يغافلك ويختلس متاعك في حال تخلِّيك عنه وغفلتك عن حفظه، وهذا يمكن الاحتراز منه غالباً، فهو كالمنتهب؛ وأما الغاصب فالأمر فيه ظاهر، وهو أولى بعدم القطع من المنتهب، ولكن يسوغ كف عدوان هؤلاء بالضرب والنكال والسجن الطويل والعقوبة بأخذ المال.اهـ إعلام الموقعين 3/ 285.
شبهة: لم يرد ذِكْر الحرز في نصوص السرقة، فيدلُّ ذلك على عدم اعتباره.
الجواب: عدم ذكره ليسَ لعدم اشتراطه، بل لعدم تحديد الشارع لنوع الحرز، فهو راجعٌ إلى أنَّ اعتبار العُرف يختلف باختلاف الشيء المسروق ويختلفُ أيضاً باختلاف الزمان والمكان، وأتى اشتراط الحرز بما ذكرناه من الأدلة، وغُفل عن تحديده ليكون العُرف مرجعه.
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 11:42 م]ـ
الثاني: ألفاظه تدلُّ على أن القطع متعلّق بعد أن يُحفظ الثمر في الخزائن، والخزائن والصوامع من أحرازٌ للثمر، فيدلُّ على أنَّ كلَّ مسروقٌ لا بُدَّ أن يكون مسروقاً من حرزٍ لكي يُقطع.
وتفريقه صلى الله عليه وسلم في سرقة الثمار بين ما آواه الجرين وبين ما لم يؤيه، حيث أوجب القطع فيما أواه دون الآخر= دليل على اعتبار الحرز في السرقة.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 08 - 08, 08:26 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم، ونفع بكم
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[24 - 08 - 08, 11:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
كنت قد كتبت ردًّا على الأخ محمد الحمدان، ولكنه مع الأسف ذهب أدراج الرياح فلعلي أعيد كتابته مختصرا فيما بعد.
¥