تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شرح متن الغاية والتقريب]

ـ[رضا ابراهيم محمد]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:02 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى أله وصحبه أجمعين.

أما بعدُ، فهذا تعليق على متن "الغاية والتقريب" جمعته من عدة كتب وشروح، وما كان لي فيه إلا الجمعُ والترتيبُ، وإن كان به نقص أو خلل فهو من عندي، وإن كان به ما يروق للعين والعقل فهو فضل من عند الله ولا يصح نسبته إلا إلى العزيز الحكيم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم) أي بسم الله أؤلف أو أكتب والاسم مشتق من السمو وهو العلو لا من الوسم وهو العلامة وذلك لأن الغالب في لغة العرب حذف الأعجاز، وفيه عشر لغات سم واسم وسمي بتثليث أوائلها وسماء. وأصل اسم سِمو حذفت لامه وهي الواو ثم سكن أوله ثم جُلِبت همزة الوصل توصلا للنطق بالساكن وعوضا عن المحذوف. قوله: «بسم الله»، الجار والمجرور متعلِّق بمحذوف فعلٍ مؤخَّرٍ مناسبٍ للمقام، فعندما تريد أن تقرأ تقدِّر: بسم الله أقرأُ، وعندما تريد أن تتوضَّأ تقدِّر: بسم الله أتوضَّأُ، وعندما تريد أن تذبحَ تقدِّر: بسم الله أذبحُ، وإنما قَدَّرناه فعلاً، لأن الأصلَ في العمل للأفعال، وقدَّرناه مؤخَّراً لفائدتين:

الأولى: التبرُّكُ بالبَداءة باسم الله سبحانه وتعالى.

الثانية: إفادةُ الحصر؛ لأن تقديم المتعلِّق يُفيد الحصر.

وقدّرناه مناسباً؛ لأنه أدلُّ على المُراد، فلو قلت مثلاً ـ عندما تريد أن تقرأَ كتاباً ـ: بسم الله أبتدئُ ما يُدْرَى بماذا تبتدئُ؟ لكن: بسم الله أقرأ، يكون أدلَّ على المراد الذي ابتدئ به. و قوله "الله" علم على الباري عز وجل الذي لايستحق العبادة غيره. وقد نقل كونه مرتجلا أي لااشتقاق فيه عن الشافعي وإمام الحرمين وتلميذه الغزالي والخطابي والخليل وابن كيسان وغيرهم. وقال بعضهم إنه مشتق. والخلاف في أنه مشتق أو غير مشتق إنما هو في لفظ إله لا لفظ الله. وقوله "الرحمن الرحيم"، فالرحمن من أسماء الله المختصة به ومعناه المتصف بالرحمة الواسعة، والرحيم ذو الرحمة الواصلة. وإذا جمعا – الرحمن الرحيم – صار المراد بالرحيم الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده، فهو ملحوظ فيه الفعل، والرحمن ملحوظ فيه الصفة. وابتدء المؤلف بالبسملة اقتداءً بكتاب الله، فهو مبدوء بالبسملة، وبرسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يبدء كتبه بالبسملة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (الحمد لله رب العالمين وصلى الله علي سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وصحابته أجمعين) حمد المؤلف الله عز وجل بالجملة الاسمية لدلالتها على الثبوت والدوام، واللام في قوله "لله" للاستحقاق والاختصاص. والحمد لغة هو الثناء، واصطلاحا المدح و الثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان الإحسان إلى الحامد أو لم يكن. أما الشكر لايكون إلا على إحسان المشكور إلى الشاكر، فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر لأنه يكون على المحاسن والإحسان، فالله تعالى يحمد على ماله من أسماء حسنى ومثل أعلى وماخلقه في الأخرة والأولى، ولهذا قال تعالى: "الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور". وأما الشكر فلا يكون إلا على إنعام، فهو أخص من الحمد من هذا الوجه، لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، كما قيل:

أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً ... يدي ولساني والضميرَ المحجبا

ولهذا قال تعالى "اعملوا آل داود شكرا". والحمد إنما يكون باللسان والقلب، فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه والحمد أعم من جهة أسبابه، ولذا قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "الحمد لله رأس الشكر فمن لم يحمد الله لم يشكره"، وفي الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها". وكان –صلى الله عليه وسلم – يحمد الله على كل حال، فقد روى ابن ماجه باسناد صحيح أن النبي –صلى الله عليه وسلم – كان إذا رأى مايحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا رأى مايكره، قال: الحمد لله على كل حال. وقوله "رب" بالجر معناه المالك لجميع الخلق. وقوله "العالَمين"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير