تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سيأتي .. والمساطب التي كانت أمام الدكاكين التي أراد أن يعمل على بعضها سبيلا ابن الزمن لم يكن لها وجود قبل الأربعين وثمانمائة، وإنما وجدت بعد الأربعين، فإن الدكاكين كان يكتريها غسالون يغسلون على أبوابها الثياب،ويخبطونها على أحجار يضعونها تحت أبواب الدكاكين إلى جانب الحائط، ثم انتقل الغسالون واكترى الدكاكين جماعة يبيعون فيها الفخار، وأحدثوا لهم مساطب صغارا، ثم صاروا يكبرونها إلى أن صار عرضها ما يقارب الثلاثة أذرع، ويقال: أن جماعة أفتوا ابن الزمن أنه على حق، والله يقابل كل واحد على صنيعه. ومما أحدثه ابن الزمن في هذه العمارة أنه جعل بطريق سوق الليل أبوابا يصعد منها للميضأة ودكة بطول الميضأة من أمامها، ودرجة يصعد منها إلى علو الربع، وكانت الطريق تسع قطارين، والآن لا تسع إلا قطارا واحدا، والله تعالى بين المسلمين وبينه".

و عن نفس الخبر قال الدرعي المغربي في رحلته الكبرى إلى الحج: " ومما يناسب ما ذكر من التعدي على المسعى ما وقع في دولة الجراكسة في سلطنة الملك الأشرف قايتباي المحمودى ـ سامحه الله ـ وملخصه: " أن تاجراً أرسله قايتباي إلى مكة اسمه محمد بن عمر بن الزمن الخواجا يتعاطى له تجارة، ويعمر له مدرسة وجانبا من الحرم والحجر وجوف الكعبة، فكان من جوره وحبه للجاه أن كان بين الميلين ميضأة أمر بعملها السلطان الملك الأشرف شعبان بن الناصر حسن بن قلاوون في مقابلة باب علي يحدها من الشرق بيوت الناس ومن الغرب المسعى الشريف ومن الجنوب سيل وادي إبراهيم الذي يقال له رباط سكنه الفقراء، فهدم الخواجا الميضأة المذكورة وهدم من جانب المسعى بقدر ثلاثة أذرع، وحفر أمامه ليبني بها رباطا يسكنه الفقراء فمنعه من ذلك قاضي القضاة بمكة برهان الدين إبراهيم بن علي بن ظهيرة، فلم يمتنع من ذلك فجمع القاضي جماعة وافرة من علماء المذاهب الأربعة وأنكروا ذلك، وقالوا للظالم في وجهه: إن عرض المسعى كان خمسة وثلاثين ذراعا وأحضروا النقل من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذي وضع فيه الظالم المذكور بنيانه فكان سبعة وعشرين ذراعاً، ومع ذلك لم ينتهه، فكتب من بمكة من العلماء خطوطهم بمنعه، ووجهوها إلى السلطان قايتباي وكان للجراكسة تعصب فيمن يلوذ بهم، ولو كان على باطل، فلما وصل ذلك انتصر لخادمه فكتب له يمضي على عمله فبناه رباطا وبنى من جانبه دارا وحفر الميضأة وجعل في جانبها مطبخا فيه ما يفرق على الفقراء ووقف على ذلك مدة إلى أن انقطع حتى بيعت الدور والديار وقايتباي وخادمه من أحسن الجراكسة عقلا ودينا، ومع ذلك صدر منهم هذا الفعل الذي قام الإجماع بتحريمه".

1 - قال الجزيري (سنة 960 هـ): وفي يوم الاثنين خامس عشر القعدة أجهز النداء بمكة لجميع أصحاب الدكاكين بالمسعى أن لا يبسطوا أسبابهم إلا في نفس الدكاكين في الجدر، ولا يخرج قدّام دكانه شيئًا ولا يضع دكة خشب ولا غيره ... وفي ثاني المناداة ركب قاضي مكة ونائب جدة وأزالوا جميع الدكك التي بالمسعى ليتسع المسعى، وقد كان قديماً واسعاً ثم ضيق بالأبنية لتسامح الناس للكرا من هذا المشعر تعديا وظلما، فقد ذكر في التاريخ أن عرض المسعى كان ستة وثلاثين ذراعا، وقد ضاق في زماننا خصوصا وقد وضع فيه الدكك فيحصل أيام الحج". وهذا الكلام صريح في أن عرض المسعى كان معروفا، فتحمل التوسعة على إعادة الأرض المأخوذة من المسعى إليه ..

2 - وقال الجزيري أيضا في معرض حديثه عن ما حصل من العمائر على يد الأمير خوشكلدي أمين جدة وأمير اللواء الشريف السلطاني: " ومن متجدادته توسعة بها من مقاعد الباعة والمساطين وإزالة ذلك بالكلية جزاه الله خيراً".

أي عودة حدود المسعى من جهة العرض إلى أصلها، فلا يقال توسعة زائدة عن الأصل، بدليل قوله: إزالة ذلك بالكلية أي إزالة السوق ونحوه عن طريق الساعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير