تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ قوله رحمه الله تعالى في بيان معنى صلاة الله على نبينا صلى الله عليه وسلم: والصَّواب ما قاله أبو العالية: «إنَّ الصَّلاة من الله ثناؤه على المُصَلَّى عليه في الملأ الأعلى»، أي: عند الملائكة المقرَّبين .. اهـ.

ـ قلتُ: قال الشيخ في شرحه لبلوغ المرام: الصلاة والسلام على .. هذه جملة خبرية لكن معناها الدعاء كأنك تقول: اللهم صلِّ وسلِّم فما هي الصلاة على الرسول؟ الصلاة على الرسول أحسن ما قيل فيها، ما قاله أبو العالية الرّياحي: أنَّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى عند الملائكة. يعني: ذكر الله تعالى عبده بالذكر الحسن عند الملائكة. هذا ما اختاره كثير من العلماء، ولا سيما المتأخرون منهم، لكن في النفس من هذا شيء: وهو أنَّ أبا العالية رحمه الله من التابعين ومثل هذا لا يُقال بالرأي؛ لأنّ من يقول إنَّ الله يثني عليه فيحتاج إلى دليل من السنة يتبين به الأمر ويتضح، ولكن فسره بعضهم قال: إن الصلاة من الله تعني: الرحمة، وهذا ليس بصحيح أيضا، لأنّ الله تعالى قال في الكتاب العزيز (أولئك عليهم صلوات من ربِّهم ورحمة) [البقرة 157] والعطف يقتضي المغايرة، وأن الرحمة غير الصلوات وأيضا الرحمة يُدعى بها لكل واحد، كل إنسان تقول: اللهم ارحمه، لكن الصلاة لا يُدعى بها لكلِّ واحد بل فيها خلاف وتفصيل عند العلماء.

إذن فالصلاة لا نستطيع أن نجزم بأنَّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى، ولا نقول: إنَّها الرحمة لفساد هذا المعنى بل نقول: الصلاة فيها رحمة خاصة فوق الرحمة التي تكون لكل أحد ولا ندري معناها، وحينئذٍ نسلم من الشبهة، لكن القول بأنَّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى فسَّره كثير من المحققين – رحمهم الله-. اهـ.

ـ قلتُ: قوله: رحمه الله تعالى: وهو أنَّ أبا العالية رحمه الله من التابعين ومثل هذا لايُقال بالرأي. اهـ. قول التابعي في ما لا مجال للرأي فيه له حكم المرسل كما يُستَفاد ذلك من صنيع الحافظ في الفتح 1/ص37. وقال في التلخيص في أثر عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: {مَنْ مَسَحَ قَفَاهُ مَعَ رَأْسِهِ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.قُلْتُ [القائل هو الحافظ]: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ، لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا مُرْسَلٌ.اهـ.

ـ ونظيره ما في نتائج الأفكار حيث ذكر الحافظ ابن حجر هناك قول عطاء بن أبي رباح: تُفتح أبواب السّماء عند ثلاث خِلال فتحرّوا فيهنّ الدُّعاء ... الأثر. ثمّ قال الحافظ: وهو مقطوع جيّد، له حكم المرسل لأنّ مثله لا يُقال من قِبَلِ الرّأي. اهـ

ـ وقد قال الحافظ ابن حجر في حديث بعدما ذكر أنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ رَجَّحَ إِرْسَاله: وَعَلَى كُلّ حَال فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَوْل بِالظَّنِّ.اهـ. الفتح شرح بَاب تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ. قلتُ: قول الحافظ هذا شبيه بقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى: الحديث الضَّعيف أحبُّ إلي من الرَّأي. اهـ.

ـ وقد قال العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين وهو يوضِّح أصول الإمام أحمد: فَصْلٌ [الرَّابِعُ الْمُرْسَلُ مِنْ الْحَدِيثِ] الْأَصْلُ الرَّابِعُ: الْأَخْذُ بِالْمُرْسَلِ وَالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ شَيْءٌ يَدْفَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّعِيفِ عِنْدَهُ الْبَاطِلَ وَلَا الْمُنْكَرَ وَلَا مَا فِي رِوَايَتِهِ مُتَّهَمٌ بِحَيْثُ لَا يَسُوغُ الذَّهَابُ إلَيْهِ فَالْعَمَلُ بِهِ؛ بَلْ الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ عِنْدَهُ قَسِيمُ الصَّحِيحِ وَقِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْحَسَنِ، وَلَمْ يَكُنْ يُقَسِّمُ الْحَدِيثَ إلَى صَحِيحٍ وَحَسَنٍ وَضَعِيفٍ، بَلْ إلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ، وَلِلضَّعِيفِ عِنْدَهُ مَرَاتِبُ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ أَثَرًا يَدْفَعُهُ وَلَا قَوْلَ صَاحِبٍ، وَلَا إجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ كَانَ الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا وَهُوَ مُوَافِقُهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، فَإِنَّهُ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ قَدَّمَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير