تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

9. ويقرأ أيضا بالمعوذتين (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) لمارواه أبو داوود والنسائي بسند جيد عن عقبة بن عامر ? قال:" أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ "، هذا لفظ أبي داوود والنسائي، ولفظ الترمذي من طريق ابن لهيعة: " أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ"، واللفظ الأول أصح لأن رجاله أضبط وأقوى وله متابعة عند أحمد في المسند، والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حجر في نتائج الأفكار والشيخ الألباني، وقال الترمذي:"حسن غريب".

وهنا بحث: وهو هل سورة الإخلاص داخلة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة رضي الله عنه بقراءة المعوذات؟ محتمل، والذي مشى عليه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وابن المنذر في الأوسط أنه يقتصر على قراءة المعوذتين مع أن ابن خزيمة وابن حبان قد خرَّجَا حديث عقبة رضي الله عنه بلفظ: (المعوذات) - على الجمع -، وأما النووي والشيخ ابن باز فاختارا قراءة الإخلاص مع المعوذتين لحديث عقبة رضي الله عنه بلفظ الجمع كما في الأذكار، وذكر ابن حجر الاحتمالين في الفتح فقال: "وَالْمُرَاد بِالْمُعَوِّذَاتِ سُورَة قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ الْفَلَق وَقُلْ أَعُوذ بِرَبِّ النَّاس، وَجُمِعَ إِمَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَقَلّ الْجَمْع اِثْنَانِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُرَاد الْكَلِمَات الَّتِي يَقَع التَّعَوُّذ بِهَا مِنْ السُّورَتَيْنِ، وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد بِالْمُعَوِّذَاتِ هَاتَانِ السُّورَتَانِ مَعَ سُورَة الْإِخْلَاص وَأُطْلِقَ ذَلِكَ تَغْلِيبًا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد" ا. ه، واستظهر ابن حجر في نتائج الأفكار عدم دخول سورة الإخلاص وأن الجمع إنما هو باعتبار الآيات كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عند مسلم مرفوعا - وسيأتي -: " أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ "، ثم عاد ابن حجر في الفتح ومال إلى دخول الإخلاص في لفظ المعوذات فقال في شرح ما بوَّب البخاري في صحيحه: (باب فضل المعوذات)، وذكر حديث عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ" قال ابن حجر في هذا الموضع مرجحا هذا الاحتمال الثاني وأن الإخلاص تدخل على سبيل التغليب: " قَوْله: (بَاب فَضْل الْمُعَوِّذَات) أي الإخلاص والفلق والناس، وقد كنت جوَّزت في " باب الوفاة النبوية " من كتاب المغازي أن الجمع فيه بناء على أن أقل الجمع اثنان، ثم ظهر من حديث هذا الباب أنه على الظاهر، وأن المراد بأنه كان يقرأ بالمعوذات أي السور الثلاث، وذكر سورة الإخلاص معهما تغليبا لما اشتملت عليه من صفة الرب وإن لم يصرح فيها بلفظ التعويذ "ا. ه.

قلت: وذكر المعوذات – في بعض ألفاظ حديث أم المؤمنين عائشة في البخاري ومسلم -؛ إما أن يكون من بعض الرواة وهذا بعيد لأن الأكثر رواه بهذا اللفظ ولم يفسرْ أحد منهم المعوذات، أو أن يكون ذكر سورة الإخلاص من فهم عُقَيْل عن الزهري أو أنهما حديثان مختلفان كما بينه ابن حجر في الفتح ورجحه، أحدُهما من فعله صلى الله عليه وسلم عند نومه وفيه تسمية السور وكان فيها الإخلاص لأنها من التوحيد فناسب ختام عمل المسلم، والآخر في مرضه الذي اشتكى منه وفيها ذكر المعوذات وهو في الصحيحين دون تفسير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير