تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالخلاصة أن تفسير المعوذات بالسور الأخيرة الثلاثة وإدخال سورة الإخلاص محل نظر كما تقدم والاستدلال على هذا من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين الذي فيه ذكر لفظ المعوذات فيه نظر أيضاً؛ لأنه حديث آخر غير الحديث الذي فيه تفصيل السور، فبقي أن ما يدخل في حديث عقبة المتقدم في قراءة المعوذات دبر الصلاة هو سورة الفلق والناس، وأن الجمع لأن الإثنين أقل الجمع أو باعتبار الكلمات التي يقع التعوذ بها في هاتين السورتين كما ذكره ابن حجر، وهذا ظاهر لا إشكال فيه، والمعروف في النصوص أن سورة الإخلاص ليست مما يُتَعَوَّذُ به وإنما التعوذ بالفلق والناس والنصوص كثيرة فعند مسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ"، وعند النسائي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ".

وأما مارواه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَقُلُ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلا الْمَوْتُ"؛ فهذا الحديث أصله عند النسائي وغيره وقد تقدم معنا وليس فيه زيادة (قُلُ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وإنما تفرد بهذه الزيادة محمد بن إبراهيم عن محمد بن حمير، ومحمد بن إبراهيم هذا هو ابن العلاء وهو منكر الحديث واتهمه ابن حبان بوضع الحديث، وعلى هذا فلا تصح هذه الزيادة أبدا، ولا يصحُّ حديث في قراءة سورة الإخلاص بعد الصلوات المكتوبات.

وأما تكرار المعوذتين وسورة الأخلاص بعد صلاة الفجر والمغرب ثلاثاً فلم يرد فيه دليلٌ صريح، وغاية ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء؛ فروى أبوداود والترمذي بسند حسن عن عبدالله بن خُبَيْب أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ لَنَا فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ: أَصَلَّيْتُمْ؟ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ:" قُلْ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ"، قال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وصححه الشيخ الألباني، فتكرار هذه السور من أذكار الصباح والمساء وليست من الأذكار عقب الصلوات المكتوبات، وهذا ما يدل عليه صنيع عامة من ألَّف في الأذكار كابن السنِّي والنووي وابن تيمية وكذا المنذري في الترغيب والترهيب، فليس أحدٌ من هؤلاء ذكروا هذا الحديث في الأذكار دبر الصلوات وإنما ذكروه في عمل اليوم والليلة وأذكار الصباح والمساء، ولكن من أتى بها بعد صلاة الفجر والمغرب على نية الإتيان بأذكار الصباح والمساء فهي مجزئة ٌولو حرص على هذا فلاحرج عليه، ولكن الأولى عدم الالتزام والمواظبة على ذلك بعد صلاة الفجر والمغرب وإنما إذا أصبح وإذا أمسى.

مسألة: الصبح: اسم لما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والمساء -كما في العين للخليل ومضى عليه الأزهري في تهذيب اللغة وابن منظور في لسان العرب-:"بعد الظهر إِلى صلاة المغرب، وقال بعضهم: إلى نصف الليل"، والثاني هو المحكي عن ثعلب كما في المصباح المنير، وقال ابن حجر في الفتح: " وهو – أي المساء - يُطْلَقُ على ما بعد الزوال إلى أن يشتد الظلام " ا. هـ، ومما يقوِّي الأول قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا} (الأحزاب:41)، والأصيل فسره غير واحد من المفسرين بأنه المساء كما قال ابن كثير والشيخ عبدالرحمن السعدي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الكلم الطيب:"الأصيل: ما بين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير