تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن نُقِلَ عنه أنه أمر معاذاً أن يقول دبر كل صلاة:"اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" ونحو ذلك، ولفظ دبر الصلاة قد يُراد به آخر جزء من الصلاة؛ كما يراد بدبر الشيء مؤخره، وقد يُراد به ما بعد انقضائها كما في قوله تعالى:"وأدبار السجود"، وقد يُراد به مجموع الأمرين، وبعض الأحاديث يفسر بعضا لمن تتبع ذلك وتدبره، وبالجملة فهنا شيئان، أحدهما: دعاء المصلي المنفرد كدعاء المصلي صلاة الاستخارة وغيرها من الصلوات؛ ودعاء المصلي وحده إماما كان أو مأموما، والثاني: دعاء الإمام والمأمومين جميعا، فهذا الثاني لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله في أعقاب المكتوبات"ا. ه فيؤخذ تجويز شيخ الإسلام الأمرين من قوله: (قد يُراد به مجموع الأمرين) وقوله: (فهذا الثاني لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله في أعقاب المكتوبات) فمفهومه أنه فعل الأول عقب الصلوات أو جائزٌ أن يكون فعله، وصنيع أئمة الحديث يدل على تسهيلهم في هذا فتارة يذكرون مثل هذه الأحاديث في الأذكار بعد التسليم وتارة يجعلونها في آخر باب صفة الصلاة مع أدعية كثيرة، ومن هذه الأدعية عدا ما تقدَّم:

* ما رواه البخاري في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلِّمُ المعلِّمُ الغلمانَ الكتابة، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دبر الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أرذلِ العُمُر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر)، وبوب ابن المنذر عليه وعلى غيره في الأوسط بقوله: ((ذكر جامع الدعاء بعد التسليم)

* ومنها: ما رواه أحمد وأبو داوود والنسائي من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبُّك والله إني لأحبُّك، فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعنَّ في دبر كل صلاة تقول: "اللهم أعني على ذكرك وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتك" وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدرك والنووي في رياض الصالحين والأذكار وابن الملقن في الإعلام وابن حجر في نتائج الأفكار والشيخ الألباني.

* ومن هذه الأدعية: ما رواه أحمد في مسنده والنسائي في الكبرى عن عثمان الشَّحام عن مسلم بن أبي بكرة: ((أنه كان سمع والده يقول في دبر الصلاة:"اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر"، فجعلت أدعو بهن، فقال: يا بني أنَّى علمت هؤلاء الكلمات قلت: يا أبتِ سمعتك تدعو بهن في دبر الصلاة فأخذتهن عنك، قال: فالزمهن يا بني فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن في دبر الصلاة))، وإسناده جيد فمداره على الشَّحام وهو قليل الحديث قال عنه يحيى القطان:"تعرف وتنكر" ووثقه ابن معين وأبو زرعة وتوسط فيه أحمد وابن معين وروى له مسلم في صحيحه، وهذا الحديث رواه عنه الحفاظ الثقات كيحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح وحماد بن سلمة ومحمد بن أبي عدي وغيرهم وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وحسنه ابن حجر في نتائج الأفكار، وقال الشيخ الألباني: إسناده صحيح.

وهنا تنبيهات ومسائل تتعلق بالدعاء بعد المكتوبات ينبغي التفطُّنُ لها، منها:

أ. الأفضل والأولى بالمصلي ألا يواظب على الدعاء المطلق بعد المكتوبات، لأنه وإن كانت قد وردت بعض الأدعية بعد التسليم إلا أنها أدعية معينة فتكون المواظبة عليها دون غيرها وعلى الإتيان بهذا تارة وهذا تارة، وأما مطلق الدعاء فلا يواظِب المصلي عليه بعد المكتوبات ويجعله كالسنة الراتبة، وذكر شيخ الإسلام كما في مختصر الفتاوى المصرية/87:أنه لم يقل باستحباب الدعاء سراً بعد المكتوبات إلا طائفة من أصحاب الشافعي وغيره ثم قال:"والأئمة الكبار لم يستحبوا ذلك" ا. ه، ولكن لا يقال: (إن الدعاء المطلق والحرص عليه بعد المكتوبات بدعة)، لأن أصله مشروع ونُقِل الاتفاق على مشروعيته كما نقله النووي في المجموع وتقدم، وهو بمثابة التوسل بالعمل الصالح من صلاة وذكر بعدها من تسبيح وتكبير وتحميد وتهليل، ولكن من غير ملازمة دعاء معين لم يرد في السنة وتقييده بما بعد المكتوبة، وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 248) - وذلك بعد أن قرر أنه لايسن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير