تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدعاء عقب الصلوات، وأنه مما أُحْدِثَ تخصيصُ ذلك بما بعد العصر والفجر، وأنه من التفريط أن يترك المصلي الدعاء أثناء صلاته ومناجاته لربه، ويشتغل بالدعاء عقب التسليم من الصلاة وانصرافه عن مناجاة الله -، فبعد أن قرر ابن القيم هذا الكلام قال:" إلا أن هاهنا نكتةً لطيفةً، وهو أن المصلي إذا فرغ من صلاته وذكر الله وهلله وسبحه وحمده وكبره بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة؛ استُحِبَّ له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ويدعو بما شاء، ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية لا لكونه دبر الصلاة، فإن كل من ذكر الله وحمده وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ استحب له الدعاء عقيب ذلك كما في حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه: ((إذا صلى أحدُكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لْيَدْعُ بما شاء) قال الترمذي: حديث صحيح " ا. ه كلام ابن القيم رحمه الله، ولكن كان الأولى به رحمه الله أن يجعل هذا الدعاء بعد التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بمثابة الطلب والتوسل بالعمل الصالح من صلاته المكتوبة وأدائها في وقتها ومن ذكر لله والثناء عليه بما هو أهله، والأمر قريب والحمد لله.

ب. لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين للدعاء بعد السلام من الفريضة، بل نقل الصحابة رضي الله عنهم عنه الدعاء وما نقلوا عنه رفع اليدين، وعلى هذا فرفع اليدين بعد الصلاة للدعاء مخالف للسنة، كما قرره غير واحد من أهل العلم كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله.

ج. من البدع المنكرة والتي تتابع العلماء على ردها بدعةُ الدعاء الجماعي بعد المكتوبات سواء خُصِّصَت بأدبار الفجر والعصر أو أطلقت بأدبار الصلوات الخمس، ومفاسد هذه البدعة كثيرة، منها:أنه تحسين وتعظيم لما لم يرد في الكتاب والسنة فينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير وهذا خطر عظيم، ومنها: ما يحصل للمأمومين من تكاسل عن الدعاء وتكاسل عن الركون إلى الله تعالى في الخلوات مكتفين بدعاء الإمام لهم فلا يشتغلون بالدعاء إلا مع إمامهم في أدبار الصلوات، ومنها: ما يحصل في قلوب العامة من استعظام أمر الدعاء فيظنون أنهم ليسوا أهلاً للقيام به وإنما بحاجة إلى إمام مسجد أو شيخ يدعو لهم عادة بعد صلواتهم وعند فطرهم وفي حجهم، بل يُزَيِّنُ لهم الشيطان أنهم لا يحسنون الدعاء لأنهم لن يأتوا بالعربية الفصحى ولا بالعبارات البليغة، ومنها: ما في الدعاء الجماعي من رفع الصوت والجهر به وهذا فيه مفسدتان، الأولى: التشويش على المسبوقين أو الذاكرين الله وهذه أذية ظاهرة، فروى أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة"، أو قال:"في الصلاة"، وإسناده صحيح جليل مسلسل بالأئمة الثقات الأثبات وصححه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه وابن حجر في نتائج الأفكار ونقله عنه السخاوي في المقاصد الحسنة وأقره وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة وغيرها من كتبه، وأما المفسدة الثانية من الدعاء الجماعي: أن الأصل في أبواب الدعاء إخفاؤه، وهذا ما جاء في الكتاب والسنة وآثار السلف، أما الكتاب فقال تعالى:"ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" /الأعراف 55، وإخفاء الدعاء سنة المرسلين قال تعالى:"ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا" /مريم 2 - 3، وقال تعالى:" وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا"/الإسراء 110، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن هذه الآية أنها أنزلت في الدعاء كما في الصحيحين عنها، وقال ابن رجب في فتحه (5/ 239): ((وقال الإمام أحمد: ينبغي أن يسر دعاءه لهذه الآية، قال: وكان يُكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء، وقال الحسن: رفع الصوت بالدعاء بدعةٌ، وقال سعيد بن المسيب: أحدث الناس الصوت عند الدعاء، وكرهه مجاهدٌ وغيره)) ا. ه كلام ابن رجب رحمه الله، وأما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير