تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصحيح وغيرهم من أئمة الإسلام، وابن جريج التقى مع ابن عيينة في جماعة من الشيوخ ولكن ابن جريج أَقْدَمُ فيهم من ابن عيينة، بل ابن عيينة من تلاميذ ابن جريج، وهذا القِدم أيضا مما يرجح روايته على رواية ابن عيينة، ولذا قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام:" فيه دليل على جواز الجهر بالذكر عَقِيبَ الصلاة، والتكبيرُ بخصوصه من جملة الذكر" ا. ه، وقال النووي في شرح مسلم:" هذا دليل لما قاله بعض السلف أنه يُستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة "ا. ه وهذا ما قرره جماعة من الشراح أيضاً كابن رجب في فتحه وابن حجر في فتحه على أن ابن حجر ذكر احتمالاً أن تكون رواية التكبير مفسرةً لرواية الذكر فكان المراد أن رفع الصوت بالذكر أي: بالتكبير ثم قال:"وكأنهم كانوا يبدءون بالتكبير بعد الصلاة قبل التسبيح والتحميد" ا. ه 3 - أنه لو افترض أن المراد رفع الصوت بالتكبير فقط فإنه تقدم معنا في الأذكار الثابتة دبر الصلوات المكتوبات ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه بسند صحيح عند ابن أبي شيبة في مصنفه أنه قال:"من قال دبر كل صلاة وإذا أخذ مضجعه: الله أكبر كبيراً عددَ الشَّفْعِ والوَتْرِ وكلمات الله التامات الطيبات المباركات - ثلاثا -، ولا إله إلا الله مثلَ ذلك، كنَّ له في قبره نورا، وعلى الجسر نورا، وعلى الصراط نورا حتى يدخلنه الجنة - أو يدخل الجنة -" وهذا له حكم الرفع كما تقدم وقد جاء مرفوعا كما ذكره ابن رجب في فتحه (5/ 234) من غير ذكر من أخرجه ولم أقف على سند المرفوع، فهذا الأثر يدل على ثبوت تكبير مخصوص دبر الصلوات الخمس بعدد مخصوص فلا معنى حينئذ لإنكار ابن بطال رحمه الله.

وأما ما قرره الإمام الشافعي رحمه الله من أن رفع الصوت بالذكر إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً بعد الصلوات ولم يذكره عنه عامة الصحابة رضي الله عنهم ممن روى عنه الأذكار أدبار الصلوات ثمَّ انقطع العمل بذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فقط دون غيره وهو إمام الناس، وبهذه المقدمات رأى الإمام الشافعي أن رفع الصوت بالذكر كان لمدة قليلة في فترة معينة من النبوة تعليما للناس، وجواب هذا: 1 - أن ابن عباس رضي الله عنه عزا هذا إلى زمن النبوة، فكوننا نقصر رفع الصوت على فترة قليلة كما قال الإمام الشافعي هو خلاف لظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنه، إذ ظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنه التكرار بل الاستمرار عليه في العهد النبوي، خصوصاً أن ابن عباس رضي الله عنه من صغار الصحابة توفي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وله أي ابن عباس رضي الله عنه ثلاث عشرة سنة، فالغالب أنه ضبط هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر العهد النبوي المدني أو قريبا من آخره، ثم لم يأتِ ما ينسخ هذا الأمر أو يدل على انقطاعه 2 - ليس في حديث ابن عباس رضي الله عنه ما يدل على أنَّ رفع الصوت بالذكر إنما كان من الإمام فقط بل إنَّ الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يبالغ في رفع الصوت بالذكر، وابن عباس رضي الله عنه في آخر المسجد ويعلم انصراف الناس من الصلاة بهذا؛ كل هذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام صلى الله عليه وسلم كانوا جميعا يرفعون أصواتهم بالذكر فيكون منهم دَوِيٌّ ظاهرٌ في المسجد؛ هذا مكبر وهذا مهلل وهذا مسبح، فيحصل الرفع الظاهر باختلاط أصواتهم لا بصوت الإمام وحده، ثم إن حديث النسائي في قول ابن عمر وابن عمرو رضي الله عنهما: (اللهم أنت السلام ... ) والرجل الذي يسمعهما يصلي إلى جنبهما، هذا كله يدل على أن الإمام والمأمومين يرفعون أصواتهم بالذكر، وكأن الإمام الشافعي رحمه الله لما تقرر عنده أن هذا يُفْعَلُ للتعليم رأى أن المقصود حاصل من رفع الإمام صوته وحده فقصر الرفع على الإمام. 3 - وأما ماذكره الإمام الشافعي أن الصحابة رضي الله عنهم لم ينقلوا رفع الصوت بالذكر دبر الصلوات، واستدل على ذلك بحديث أم سلمة رضي الله عنها وغيرها من الصحابة رضي الله عنهم ممن نقلوا لنا حال النبي صلى الله عليه وسلم دبر الصلوات المكتوبات ولم ينقلوا رفع الصوت بالذكر، فهذا إنما يقال فيه: إن الصحابة ما ذكروا هذه الأحاديث في تقرير صفة الذكر، وإنما أرادوا أن ينبهوا على بعض آداب النبي صلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير