ما نقله الباجي عن الإمام مالك – رحمه الله –: لم نزل نسمع من العلماء أنهما يرجمان، أحصنا أم لم يحصنا [18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn18) .
يجاب عنه:
أنه قد ثبت اختلاف الصحابة والتابعين في هذه المسألة، فقول الإمام مالك يراد به – والله أعلم – حكاية قول وعمل أهل المدينة.
يرد عليه:
أنَّ اختلاف الصحابة لم يثبت، وإنما الثابت اختلاف التابعين فقط، ولم يصح عن الصحابة خلاف قول عثمان وابن عباس.
الدليل الثالث: أن هذا القول قد قال به جمع من الصحابة، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس – رضي الله عنهم –.
يرد عليه ما يلي:
1 – عدم صحة ما ورد عن الصحابة في ذلك [19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn19) .
يجاب عنه:
أنَّ هذا ثابت عن عثمان وابن عباس – رضي الله عنهم – وقريبٌ منهما ما جاء عن عمر؛ كما هو مبيَّنٌ في الملحق المتعلق بتخريج الأحاديث والآثار الواردة في عقوبة من يعمل عمل قوم لوط.
2 – قد ثبت عن غيرهما من الصحابة القول بمعاملة من يعمل عمل قوم لوط معاملة الزاني، فإذا اختلف الصحابة نُظِرَ إلى المرجِّح بين أقوالهم.
يجاب عنه:
أنَّه لم يصح ما جاء عن الصحابة خلافًا لما ورد عن عثمان وابن عباس؛ كما هو مبيَّنٌ في الملحق المتعلق بتخريج الأحاديث والآثار الواردة في عقوبة من يعمل عمل قوم لوط.
3 – على التسليم بصحته عن جماعة من الصحابة؛ إلا أنَّ هذا القول من الصحابة عارضه حديث: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَنِّي رسول اللَّهِ إلا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، والمفارق لدينه التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ " [20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn20) ، فحصر قتل المسلم في هذه الثلاث، وفاعل ذلك خارج عنها [21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn21) .
يجاب عنه:
أنه ورد القتل في غير هذه الثلاثة؛ كالمحارب قبل أن يتوب، والمحدود في الخمر ثلاثًا، ومن أتى ذات محرم وغيرهم.
يرد عليه:
أنَّ هذا جوابٌ بما هو محلُّ نزاعٍ وخلافٍ بين أهل العلم.
الدليل الرابع: أنَّ عمل قوم لوط عملٌ لا يستباح بحال، وقد ورد فيه الوعيد الشديد؛ فلذا يستوجب تغليظ العقوبة على فاعله أشد مما في القبل.
يرد عليه:
أنَّ تشديد العقوبة وإثبات حدٍّ بها مرجعه إلى النصوص الشرعية، فعند عدم النص ينظر إلى الأدلة الأخرى وإلا كان حكمه التعزير، ولولي الأمر – على الراجح – النظر في إيصال هذا التعزير إلى القتل من عدمه.
الدليل الخامس: أن هذا العمل فيه مفسدة اجتماعية عظيمة، حيث تجعل الرجال محلًا للمتعة بدلًا من النساء، ولا يمكن التحرز منها، لأن الذكور بعضهم مع بعض دائمًا، فلا يمكن أن نقول: ما الذي أتى بفلان مع فلان؟! بخلاف ما لو وجدنا معه امرأة، وشككنا هل هي من محارمه أم لا؟ = فلما كان هذا الأمر مفسدًا للمجتمع، ولا يمكن التحرز منه، صار جزاؤه القتل بكل حال.
يجاب عنه:
بأنَّ مثل هذه التعليلات لا تزهق بمثلها الأرواح حتى وإن وقع في كبيرةٍ من الكبائر؛ فقذف المحصنات المؤمنات الغافلات من أكبر الكبائر ومع ذلك لا يوجب القتل، بل من الكبائر ما ليس له عقوبة محددة كعقوق الوالدين وقول الزور.
الدليل السادس: أنَّ هذه العقوبة هي التي أنزل الله – تعالى – على قوم لوط.
يرد عليه:
أنه يلزم على هذا الدليل لوازم باطلة هي محل اتفاق، منها:
1 – أن لا يرجم من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوط إلا إذا كان كافرًا، لقوله تعالى: " كذبت قوم لوط بالنذر " [القمر: 33] وقوله: " كذبت قوم لوط المرسلين " [الشعراء: 160].
يجاب عنه:
أنَّ الله أخبر أنهم كانوا على معاصٍ؛ فأخذهم الله بهذه؛ بدليل أنها كانت محور دعوة لوط لقومه بعد الإيمان بالله، وقد قال قوم لوط له: لئن لم تنته لنفعلن بك يا لوط، ففعل الله بهم قبل ذلك؛ قاله ابن العربي في أحكام القرآن (2/ 318).
يرد عليه:
تحديد سبب العقوبة بهذا العمل الشنيع، وأنهم قالوا للوط: لنفعلنَّ بك ... كلُّ هذا يحتاج إلى دليل واضح وصريح.
¥