4 – أنَّ هذه التسمية على سبيل المجاز؛ كحديث أبي هريرة – رضي الله عنه –، أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ على ابن آدَمَ حَظَّهُ من الزِّنَا أَدْرَكَ ذلك لَا مَحَالَةَ؛ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُهُ " [27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn27) ، قال في طرح التثريب (8/ 19): ومنهم من يكون زناه مجازيًا؛ إما بالنظر إلى ما يحرم عليه النظر إليه، وإما بمحادثته الأجنبية في ذلك المعنى، وإما بالسماع إلى حديثها بشهوة، وإما بلمسها بشهوة، وإما بالمشي إلى الفاحشة، وإما بالتقبيل المحرم، وإما بالتمني بالقلب والتصميم على فعل الفاحشة؛ فكل هذه الأمور مقدمات للزنا، ويطلق عليها اسم الزنا مجازًا، وعلاقة المجاز فيها لزوم التقييد؛ فإنه لا يصح أن يقال في صاحب النظر المحرم أنه زانٍ مطلقًا بلا قيد. اهـ
الدليل الثاني: أنَّ هذا العمل فاحشة كما جاء في قوله تعالى على لسان لوط: " أتأتون الفاحشة " [الأعراف: 80] وقال: " إنكم لتأتون الفاحشة " [العنكبوت: 28]، وقد سمَّى الله الزنى فاحشة فقال: " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة " [الإسراء: 32] وقال: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم " [النساء: 15] فتطابق وصف الوطء في القبل والدبر بالفاحشة = فتطابقا في الحكم.
يرد عليه:
1 – أنَّ الله – سبحانه وتعالى – في عمل قوم لوط يذكر فعلهم دائمًا بِ (ال) والمفيدة للعموم، حيث إنه جامع لمعاني اسم الفاحشة التي استقر فحشها عند كلِّ أحد؛ فهي لظهور فحشها وكماله غنية عن ذكرها بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها؛ أما الزنا فَنَكَّرَه ُ في الآية الأولى حيث إنه فاحشة من الفواحش، وفي الموضع الثاني عَرَّفه بِ (ال) الدالة على العهد الذهني؛ كقوله تعالى: " فعصى فرعون الرسول " [المزمل: 16].
يجاب عنه:
أنَّ (ال) في جميع المواضع المذكورة هي للعهد الذهني.
2 – أنَّ الله – تعالى – سَمَّى كُلَّ كبيرةٍ فاحشةً، فقال: " ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن " [الأنعام: 151]، ويلزم على ذلك: معاملة أصحاب الكبائر معاملة الزاني سواء بسواء، وهذا لا قائل به.
الدليل الثالث: أنَّ عمل قوم لوط إيلاجٌ في فرج آدمي، لا ملك له فيه ولا شبهة ملك = فكان زنًى كالإيلاج في فرج المرأة الأجنبية؛ وإذا ثبت كونه زنى = دخل في عموم الأدلة الواردة في حد الزاني.
يرد عليه:
1 – أنَّ الصحابة اتفقوا على أنَّ هذا الفعل ليس بزنا؛ ولهذا اختلفوا في موجبه، ولا يظن بهم الاجتهاد في موضع النص.
2 – لا نسلم لكم كونه زنا، يدل على ذلك أنَّ لكل فعل اسم وحكم خاص.
الدليل الرابع: أنَّه بعمله عمل قوم لوط يتم قضاء شهوته في محلٍّ يُشتهى على الكمال لقصد سفح الماء، فهو زنى؛ ومعنى سفحُ الماءِ في عمل قوم لوط أبلغ من الزنا حيث إنَّه لا يتم به حصول الولد.
يرد عليه:
1 – أنَّ هذا إثبات لحد من الحدود بالقياس، وهو غير جائز.
يجاب عنه:
1 – أنَّ مسألة عدم جواز القياس في الحدود محلُّ خلاف [28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn28) ، فلا يصح الاعتراض بما هو محلُّ نزاع.
2 – أنَّ هذا ليس قياسًا؛ بل هو كإيجاب حد الزاني المحصن في حق غير ماعز استدلالًا بقصته؛ وكذلك هنا فقد ورد النصُّ بإيجاب الحدِّ على من باشر هذا الفعل في القبل فإيجابه على المباشر في الدبر بعد ثبوت المساواة بينهما في جميع المعاني لا يكون قياسًا.
يرد عليه:
عدم التسليم بثبوت المساواة بين عمل قوم لوط والزنا؛ فاختلف حكمهما؛ كالزنا بذوات المحارم مع مساواته للزنا في الأصل إلا أنه لبشاعته خُصَّ بحكمٍ آخر.
يجاب عنه:
عدم التسليم بالتفريق بين من أتى ذات محرم وبين غيره.
الدليل الخامس: أنَّ عقوبة عمل قوم لوط حدٌّ يجب بالوطء كالزنا؛ فلا بدَّ أن يختلف فيه البكر عن الثيب؛ بل هو من باب أولى، لأنه لمَّا وجب الفرق بين البكر والثيب فيما انعقد الإجماع على وجوب الحدِّ فيه = كان أولى أن يجب الفرق بينهما فيما اختلف في وجوب الحدِّ فيه.
يرد عليه:
¥