* قال ابنُ عُثَيْمِينَ في الشَّرْحِ الْمُمْتِعِ: (ولكنَّ الذي أرَى: أنَّه لا يتخَطَّى حتَّى ولو إلى فُرْجةٍ؛ لأنَّ العلةَ وهي الأذيَّةُ موجودةٌ .... فالأَوْلَى الأخذُ بالعمومِ، وهو ألَّا يتخطَّى إلى الفرجةِ؛ لكنْ لو تخطَّى برفْقٍ واستأذنَ ممَّن يتخطَّاه إلى هذه الفرجةِ؛ فأرجُو أن لا يكونَ في ذلك بأسٌ).
****************
ما تقدَّمَ ذكَرْتُه حتَّى لا أُخْلِيَ هذه المُشاركةَ مِن فَائِدةٍ؛ والمَقْصُودُ هو:
* الْحِيلَةُ:
يأتي أحدُ الإخوةِ هداهُم اللهُ -وقد لاحَظْتُ ذلك عليهِ مرارًا وتَكرارًا-، متأخِّرًا يومَ الجمعةِ، ثمَّ يأْتِي يتخطَّى الرِّقابَ في جوانبِ الْمَسْجدِ، ورُبَّما جعلُوا في جانبِ المسْجدِ مَمَرًّا للإمامِ؛ فيأتِي صاحبُنا، ويَمْشِي فيه أمَام مرْأَى النَّاسِ جميعًا الذي بكَّروا في المجيءِ إلى المسْجدِ، أو على الأقلِّ جاؤُوا قبْلَهُ، إلى أنْ يَصِلَ إلى الصَّفِّ الأوَّلِ، بلْ وخلْفَ الإمامِ مُبَاشرةً، ويَصُفُّ مع النَّاسِ!!!
وكان هذا الرَّجلُ يدْخُلُ أحيانًا مع الإمامِ بحُجَّةِ أنَّه صاحبٌ لهُ، (والتَّابع تابعٌ!!).
ولعلَّ الذِي سَوَّغَ له التَّطاولَ على الشَّرْعِ وعلى النَّاسِ بهذا التَّصرُّفِ الْمَشِينِ: أنَّه يحْفَظُ القُرْآنَ!! -وما أكثَرَ الحَافِظينَ الْمُتْقِنينَ في الْمَسْجدِ نفْسِهِ ممَّا لا يُقارَن بهم- ويَؤُمُّ النَّاسَ أحيانًا في صلاةِ العِشاءِ أو الصُّبْحِ!!!
بل، ورأيتُ هذه الجمعةَ -وهو ممَّا أثَار حَفِيظتِي- قيِّمَ الْمسْجدِ يتخطَّى الرِّقابَ!!
* فهل هذهِ صارتْ عادةً؛ فكلُّ مَن يمْلِكُ مِفْتاحَ قُفْلِ الْمسْجدِ، يسُوغُ له التَّخطِّي!!! وهل مَن وجدَ زِرَّ قمِيصِ الإمامِ ساقِطًا؛ يجوزُ له أنْ يتخطَّى بحجَّةِ أنَّه سيُعْطِي الزِّرَّ للإمامِ!!!
أيُّها الإخوةُ الكرامُ؛ لقد اسْتَأْتُ كثيرًا لهذَا الفِعْلِ، وأراهُ مُنْكرًا عظيمًا.
لكن: إذا وُجِدَ ممَرٌّ خاصٌّ بالإمامِ، بحيثُ مَن سلَكَهُ لا يتخطَّى الرِّقابَ؛ هل يُقال لهُ: إن النَّهْيَ لا يَشْمَلكُ؟!!!!
وهَلْ الذِي يَدْخُلُ قُبَيْلَ البَدْءِ في الخُطبةِ مِن البَابِ الخلْفِيِّ لِلمَسْجدِ، بحيثُ إذا دخلَ إلى المسْجدِ يدخُلُ لمَقْصُورةِ الإمامِ؛ فيفْتَحُ البابَ على الصفِّ الأوَّلِ مِن دون تَخَطٍّ؛ هَلْ نقولُ له: إن النَّهْيَ لا يَشْمَلكُ؟!!!!
فقد رأيْتُ أحدَ الإخوة يفْعلُه أيْضًا، بحُجَّةِ أنَّه يُصلِّي بالنَّاسِ التَّراويحَ في ذلكَ المسْجدِ!!!
ـ[عبد الجبار القرعاوي]ــــــــ[18 - 10 - 10, 11:10 ص]ـ
للمسجد قدسية لا يراعيها كثير من الناس، وله أحكام ينظر إليها وكأنها منسوخة! وإنما يتهاون الناس بالمساجد بحكم تكرار ولوجهم فيها وقعودهم وكأنهم يرتادون مقهى أو ديوانية!!!!. فلا أعتقد أن شخصا يأتي للمسجد وهو لا يعرف إثم تخطي الرقاب أو رفع الصوت في المسجد أو عدم توقير الكبير والعطف على الصغير أو البيع والشراء في المسجد وغيرها من الأحكام ولكن تحولت عباداته إلى عادات، والله المستعان.
ـ[أبو المقدام الهلالي]ــــــــ[24 - 10 - 10, 07:10 م]ـ
إنما يكره تخطي الرقاب إذا شرع الامام في الخطبة، وإذا كان هذا "الشخص" حافظا لكتاب الله،ولا يؤذي بمروره في "ذاك الممر" أحدا فما بأس ذلك؟ وتقديم أولو الاحلام و النهى فضيلة،وكان عمر رضي الله عنه ربما أخر الرجل وقدم من هو افضل منه.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[25 - 10 - 10, 03:08 م]ـ
تخطي الرقاب محرم كما نص عليه النووي، وعده ابن القيم من كبائر الذنوب.
والعلة في المنع منه أثناء الخطبة وارد قبلها، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية على أنه يُمنع من تخطي الرقاب مطلقا، وراجع كلام ابن حجر الذي أوردتُه في المشاركة الأولى، يتبين لك أن أهل العلم فهموا أن تخطي الرقاب ممنوع مطلقا.
ثم إن كان من يحفظ القرآن من أولي الأحلام والنهى! فيوجد في المسجد من هو أتقن من هذا المتقدم، ممن لا يُقارن بهم لا أداءً ولا صوتًا ولا تطبيقا للأحكام ولا في القراءة على الشيوخ ولا في الإجازة ........ ولا في العلم الشرعي، وهذا المتقدم لا يُعرف بالعلم الشرعي وإنما هو فيه عاميٌّ أو أشبه بذلك.
ثم ما معنى أن يأتي متأخرا، ويشق الصفوف؟!! وكأني به يرى نفسَه مجدد الملة والدين!!!!
* ثم لو صح أن عمر رضي الله عنه أخَّر الرجل وقدم من هو أفضل منه؟ ما ضابط الفضل؟ هل هو حفظ القرآن فقط؟ فيوجد من هو أولى منه كما تقدم.
هل هو العلم الشرعي؟ ليس هذا بطالب علمٍ فضلًا عن عالمٍ!! (وليس من يقرأ الكتب الدينية!! يُعدُّ طالبَ علمٍ، وليس من نال الشهادات في العلوم الدنيوية -بل والعلوم الشرعية- يكون طالبَ علمٍ)!!!.
* ثم إن عمر هو الذي كان يقدمه -إن صح- وليس يأتي متأخرا متبخترا ويُقدِّمُ نفسَه، (ومادحُ نفسِه يُقْرئُك السلام).
والله المستعان.
¥