القبض دفاعاً كبيراً، والحقُّ أنه لا يُسلَّم له إلا ما كان متعلقاً بالمسألة من جهة الدليل، لا ما كان راجعاً إلى جهة النقل. والله الموفِّقُ.
على أن اسم الكتاب كما ذكرتُه وهو:" المثنوني " بنونٍ ثانيةٍ بعد الواو، وليس المثنوي. فليُحفَظْ.
رابعاً: نعمْ، خرج المالكية عن روايةِ ابن القاسم في المدونة في مسائل قليلةٍ جداًّ لعلها لا تصل إلى العشرة، لكنَّ القاعدةَ عندهم أن روايةَ ابن القاسم في المدونة هي المقدَّمةُ؛ إذ تَضافَرَ على تشييد فقه المدونةِ أئمةُ المذهب الثلاثةُ وهم: الإمام مالك، وابنُ القاسم، وسحنون. وهذا ما جعَل فقهاءَ المذهب يتعلقون بها ويقدِّمونها على غيرها من الأمهات كالعُتبية والواضحة والموازية. وهو تعليلٌ وجيهٌ.
كما أن ما تدين به شيءٌ، وما عليه فقهاءُ المذهب من تقديم المدونة وكراهية القبض في الفرض شيءٌ آخرُ، فلو خالفتَ قولَهم المشهورَ في مسألةٍ ما في غير حال الضرورة، لكنتُ متبعاً لغير مذهب مالكٍ، وهذا أمرٌ مقررٌ عندهم.
خامساً: أخي أبا يحيى قولُك بأن مالكاً إنما سدل في آخر حياته هذا مما يدل لرواية المدونة بكراهة القبض وأنها المشهورةُ حيث يكون السدل هو الذي رجع إليه مالكٌ ولاسيما وأنك قد نفيتَ معي أخي أبا يحيى القولَ بأن سبب السدل الضرب بالسياط. فليُتأمل.
على أن عبارة "في آخر حياته" لم أعرفْ من أين نقلْتَها أخي الكريم؟ أفادك اللهُ.
سادساً: أُحيلُ الإخوةَ الكرامَ على رسالةٍ لم يأتِ على ذِكرها أحدٌ في الملتقى، وهي رسالة الفقيه أبي مهدي الوزاني والتي ردَّ بها على رسالة المَسْناوي التي ذكرتُها في الجواب الأول، وقد سمى ردَّه:" رسالة النصر لكراهة القبض، والاحتجاج على من نازع فيها في صلاة الفرض". ففيها فوائدُ في الاِصطلاح المذهبي، وطرائق الترجيح المذهبي، ونحو ذلك من المسائل المفيدة، وهي تقع عندي في (80) صفحةً من القطع الوسط.
سابعاً: في دفاعك عن حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر بأنه لعله قصد من حكاية سنية السدل: أنه سنة عند الإمام مالكٍ، قلتُ: وهذا ما يعنيني من البحث في المسألة أصلاً، وهو كونُه المشهورَ الثابتَ عن مالكٍ، وقد أقررتَ فيه بأن أمهات المذهب ترى سُنة السدل؛ والذي يدلك على أنه أراد ذلك أن الأصلَ في كتابه الكافي أنه إنما ينقل مذهبَ مالكٍ، لا ما يراه ابن عبد البر، بخلاف كتابه الاِستذكار، أو التمهيد، فإنه كثيراً ما يَذكرُ الراجحَ عنده. والله أعلم.
أخي أبا يحيى، نفع الله بك، وما قصدي بهذا الكلامِ إلا العلمُ والفائدةُ ونقلُ مذهب المالكية في المسألة، وليس عندي ما أقول بعد هذا الكلام، فليس الصحةُ ولا الوقتُ مما يساعدان على مزيد الخوض في المسألة. وقد نبهتُ في أكثر من موضعٍ أن القبض أرجحُ من جهة الدليل، وإن كان المشهورُ كراهتَه في الفرض.
ولا تنس أخي أبا يحيى أن تجتهدَ في تعلم اللغة العربية فإنها خير معين على تحصيل العلم والتقرب من الله تعالى، كما شعرتُ بذلك في غير موضعٍ من جوابك، على أنك قلتَ في آخره:"جمَعَه ورتَّبه الفقيرُ لعفو ربه أبي يحيى .. " والصوابُ أن تقولَ:" أبو يحيى ". وإلا فالمعنى سيكون قبيحاً جداًّ لا تقصدُه أنتَ ولا غيرُك إن شاء الله. فتَح الله علينا عليك، وسدد خُطايَ وخطاكَ، كما لا أنسى شكرَ إخواني الأفاضل والأماجد: عبد الرحمن السعودي، والباعمراني، وأبا مريمٍ العتيبي. وكل من شارك في الكلام على هذه المسألة، ولعلي أراكم في مشاركاتٍ أخرى إن شاء الله. حفظكم الله إلى ذلك الحين، والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[22 - 11 - 10, 02:25 ص]ـ
ما كان متعلقاً بالمسألة من جهة الدليل، لا ما كان راجعاً إلى جهة النقل
كما أن ما تدين به شيءٌ، وما عليه فقهاءُ المذهب من تقديم المدونة وكراهية القبض في الفرض شيءٌ آخرُ، فلو خالفتَ قولَهم المشهورَ في مسألةٍ ما في غير حال الضرورة، لكنتُ متبعاً لغير مذهب مالكٍ، وهذا أمرٌ مقررٌ عندهم.
وما قصدي بهذا الكلامِ إلا العلمُ والفائدةُ ونقلُ مذهب المالكية في المسألة، وليس عندي ما أقول بعد هذا الكلام، فليس الصحةُ ولا الوقتُ مما يساعدان على مزيد الخوض في المسألة. وقد نبهتُ في أكثر من موضعٍ أن القبض أرجحُ من جهة الدليل، وإن كان المشهورُ كراهتَه في الفرض.
الشيخ/ عصام الصاري - نفع الله بك -.
¥