تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أم محمد الظن]ــــــــ[15 - 11 - 10, 01:01 ص]ـ

الإجماع الثالث والخمسون يقول ابن المنذر رحمه الله: (وَأَجْمَعَ كُلُ مَن نَحْفَظ عَنْه مِن أَهْل الْعَلِم عَلَى أَن الْتَّعْجِيْلَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَفْضَل.) يعني التعجيل بصلاة المغرب أفضل من تأخيرها، هذا بخلاف صلاة العشاء، فإن صلاة العشاء تأخيرها أفضل، إذا كانوا سيصلونها في جماعة، يعني لو جماعة في سفر، أو في قرية، واتفقوا على أن يؤخروا صلاة العشاء نصف ساعة أو ساعة مثلا، يؤذنوا ثم ينتظروا بالإقامة نصف ساعة أو ساعة، ثم يصلون وليس فيه مشقة على أهل الحي، فهذا أفضل بلا شك، لما ثبت في صحيح مسلم" أَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَخرَ صَلَاة الْعِشَاء إِلَى ثُلُث الْلَّيْل الْأَوَّل، حَتَّى نَام الْنِّسَاء وَالْصِّبْيَان، وَقَال عُمَر: الْصَّلاة يَا رَسُوْل الْلَّه، نَام الْنِّسَاء وَالْصِّبْيَان، فَخَرَج الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَصَلَّى بِهِم وَبَعْد مَا صَلَّى قَال: «إِن الْنَّاس قَد صَلَّوْا وَنَامُوْا وَلَا يَنْتَظِرُهَا إِلَا أَنْتُم، وَلَو أَن أَشُق عَلَى أُمَّتِي لَجَعَلْتَه وَقْتِهَا» أَو قَال: «إِنَّه لَوَقْتُهَا، لَوْلَا أَن أَشُق عَلَى أُمَّتِي» أَو كما قال صلى الله عليه وسلم. فاستنبط العلماء من هذا الحديث أن تأخير صلاة العشاء أفضل وأولى لا سيما إذا كان الجماعة سيؤخرونهم مع بعضهم، لكن لا يجوز لإنسان أن يتأخر عن صلاة الجماعة -يعني صلاة العشاء - ويقول إن التأخير أفضل، نقول إذا تركت الجماعة يكون التأخير في حقك مكروهًا؛ لأنك انفردت عن جماعة المسلمين.

الإجماع الرابع والخمسون: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى الْجَمْع بَيْن الْصَّلاتَيْن الْظُّهْر وَالْعَصْر بِعَرَفَةَ، وَبَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء لَيْلَةَ الْنَّحْرِ) أجمعوا على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، والدليل: ما رواه مسلمٌ في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه" أَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي يَوْم عَرَفَة أَمَر الْمُؤَذِّن لِيُؤْذَن لِصَلَاة الْظُّهْر، فَصَلَّى الْظُّهْر رَكْعَتَيْن، ثُم صَلَّى الْعَصْر رَكْعَتَيْن، جَمْع بَيْنَهُم، وَتَفَرَّغ لِلْدُّعَاء"لكن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوم عرفة يوم جمعة، والنبي عليه الصلاة والسلام خطب، فهل يا ترى الخطبة التي خطبها النبي عليه الصلاة والسلام كانت خطبة عرفة أم خطبة جمعة؟

العلماء قالوا: كانت خطبة عرفة، ولم تكن خطبة جمعة، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام فخطب، وبعد الخطبة أمر المؤذن فأذن، ثم أقام صلاة الظهر، فصلى الظهر ركعتين، ثم أمره فأقام صلاة العصر فصلى العصر ركعتين، هكذا فعل الحبيب عليه الصلاة والسلام في عرفة، لكن في الجمعة الأذان يكون قبل الصلاة، فتبين أن الخطبة التي خطبها في عرفة تختلف عن الخطبة التي خطبها الحبيب عليه الصلاة والسلام في عرفة وفي الجمعة، فالجمعة الأذان قبل الخطبة، وفي عرفة بعد الخطبة.

قال: (وَبَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء لَيْلَة الْنَّحْر).ليلة النحر -يعني ليلة عيد الأضحى- للحجاج، ليلة النحر أين يكون الحجاج؟ يكونون قد نزلوا من عرفات، وهم يبيتون في المزدلفة، أول ما ينزلوا من عرفات يجمعوا المغرب والعشاء في المزدلفة كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وصل إلى المزدلفة فصلى المغرب ثلاثا، ثم صلى العشاء ركعتين، ولم يصلي بينهما صلاة، يعني لم يتنفل، ونام عليه الصلاة والسلام هذه الليلة فلم يتنفل، فيستحب للإنسان أن ينام ويستريح لاستقبال يوم العيد؛ لأن يوم العيد سيكون فيه رمي الجمار والحلق والطواف والذبح، يعني فيه أعمال كثيرة، لذلك كان يستريح عليه الصلاة والسلام بنية الإعانة على هذه العبادة.

الإجماع الخامس والخمسون: يقول ابن المنذر رحمه الله: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن مَن الْسُنَّة أَن يَسْتَقْبِل الْقِبْلَة بِالْأَذَان).من السنة أن يؤذن المؤذن مستقبلا القبلة؛ لأنه كان مؤذن النبي عليه الصلاة والسلام يستقبلون القبلة بأذانهم، فعبد الله بن أم مكتوم -رغم أنه كان أعمى- كان يؤذن للنبي عليه الصلاة والسلام مستقبلا القبلة، وبلال رضي الله عنه كان يفعل.

فائدة: كم عدد مؤذني النبي عليه الصلاة والسلام؟ كان له أربع مؤذنين: 1 - بلال بن رباح، 2 - وعبد الله بن أم مكتوم: هؤلاء أذنوا للنبي في مسجده بالمدينة حتى توفي عليه الصلاة والسلام3 - .سعد القرَظ: أذن للنبي عليه الصلاة والسلام في مسجد قُباء4 - وأبو محظورة: أذن للنبي عليه الصلاة والسلام في فتح مكة، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم مؤذن المسجد الحرام ..

الإجماع السادس والخمسون: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن مَن الْسُّنَّة أَن يُؤْذَن الْمُؤَذِّن قَائِما) يعني من السنة أن يقف ويؤذن، ولم يخالف في ذلك أحدٌ إلا أبو ثور رحمه الله، فقال: يؤذن جالسًا من غير علة، قال ابن المنذر: (وانفرد أبو ثور فقال يؤذن جالسًا من غير علة).أبو ثور: إمام مجتهد كبير، كان على المذهب الحنفي في بداية حياته، ثم بعد ذلك -لما قدم الشافعي لزمه حتى - تفقه في المذهب الشافعي وبرع فيه، ثم استقل بعد ذلك بمذهب خاص رحمه الله، وكان مجتهدًا مطلقًا -أبو ثور رحمه الله - واجتهاداته ما زالت قائمة الآن منثورة في كتب الفقه.

إذن أجمع العلماء على أن الإنسان يؤذن قائمًا إلا إذا كان مريضًا، يمكن أن يؤذن جالسًا، لكن أبو ثور انفرد، وانفراد أبو ثور لا يضر الإجماع إن شاء الله تعالى على مذهب الإمام ابن المنذر رحمه الله، أن انفراد الواحد أو الاثنين لا يضر الإجماع إن شاء الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير