ولذلك يقول (وَقْتُ الْظُّهْرِ إِذَا زَالَت الْشَّمْسُ، وَكَان ظِلُّ الْرَّجُل كَطُوْلِه، مَا لَم يَحْضُر الْعَصْرُ) إذا أذن العصر، وقال: «وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَم تَصّْفَرّ الْشَّمْسُ» يظل وقت العصر جائزاً ما لم تصّفر الشمس، إذا اصفرَّت الشمس دخل وقت الكراهة عند كثير من أهل العلم، فإذا تضيفت الشمس للغروب جاء وقت التحريم عند العلماء.
«وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَم يَغِب الْشَّفَق» إذا وقت المغرب من غروب الشمس إلى غياب الشفق الأحمر في السماء، إذا غابت الشمس من المغرب، تجد مكان غياب الشمس شيئاً أحمر في السماء، هذا يسميه العلماء الشفق الأحمر، يظل يتلاشى يتلاشى حتى يغيب تمامًا، فحينئذٍ يؤذن المؤذن لصلاة العشاء.
قال: «وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ الْلَّيْلِ الْأَوْسَط» بعض الناس يظن أن وقت العشاء لا ينتهي إلا مع أذان الفجر، وهذا ليس صحيحًا، فوقت العشاء إنما هو عند منتصف الليل تمامًا. وكيف تحسب منتصف الليل؟
تحسب منتصف الليل بأن تجمع شروق الشمس وغروبها ثم تقسم على اثنين، يعطيك منتصف الليل، فقد يكون منتصف الليل الساعة الواحدة، وقد يكون الساعة الثانية عشرة على حسب البلاد والأوقات والشهور.
الإجماع الثامن والأربعون: يقول ابن المنذر رحمه الله (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن صَلَاةَ الْمَغْرِبِ: تَجِب إِذَا غَرَبَت الْشَّمْس.)
الإجماع التاسع والأربعون: (وَأَجْمَع أَهْلُ الْعِلْم إِلَّا مَن شَذ عَنْهُم عَلَى أَن أَوَّل وَقْت الْعِشَاء الْآَخِرَة: إِذَا غَاب الْشَّفَق.) اتفقوا على أن وقت العشاء يبدأ عند غياب الشفق، لكن اختلفوا لأن هناك شفقين، الشفق الأول: الشفق الأحمر، بعد ما يغيب الشفق الأحمر، يظهر الشفق الأبيض، بعد ما يغيب الشفق الأبيض، تأتي ظلمة في مكان الغروب.
متى تبدأ صلاة العشاء؟ علي خلاف بين العلماء 1 - فبعض أهل العلم يقول: بداية صلاة العشاء، لا يؤذن المؤذن إلا إذا غاب الشفق الأحمر والأبيض معا، وهذا قول الأحناف رحمهم الله2 - ، لكن جمهور أهل العلم يقولون: مجرد أن يغيب الشفق الأحمر تبدأ صلاة العشاء، وهذا القول هو الصحيح،.
الإجماع الخمسون: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن أولَ وَقْت صَلَاة الْصُّبْح: طُلُوْع الْفَجْر.) يعني لا يؤذن المؤذن لصلاة الصبح إلا إذا طلع الفجر، هذا الأذان الصادق، لكن يجوز أن يؤذن قبله بنصف ساعة أو بساعة، هذا ما يسميه العلماء الأذان الأول لصلاة الصبح.
الإجماع الواحد والخمسون: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن مَن صَلَّى الْصُّبْح بَعْد طُلُوْع الْفَجْر قَبْل طُلُوْع الْشَّمْس؛ أَنَّه يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا.)
هذا بإجماع العلماء، أن وقت الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، إذا صلى قبل شروق الشمس فقد أصاب الفجر في وقته، أما إذا طلعت الشمس فقد ضاع الوقت منه.
الدليل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أَدْرَك مِن الْصُّبْح رَكْعَةً قَبْل أَن تَشْرُق الْشَّمْسَ فَقَد أَدْرَك الصَّلَاة، وَمَن أَدْرَكَ مِن الْعَصْر رَكْعَةً قَبْل أَن تَغْرُب الْشَّمْسُ فَقَد أَدْرَك الصَّلَاة» إذن إدراك الصلاة ولو بركعة قبل الغروب أو قبل الشروق، فقد أدركت الصلاة، وإن كان هذا الوقت يسميه العلماء وقت تحريم، لكن من كان نائمًا واستيقظ فتأخر على الصلاة لعذر ونحوه لا بأس.
الإجماع الثاني والخمسون: يقول الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: (وَأَجْمَع كُل مَن نَحْفَظ عَنْه مِن أَهْل الْعِلْم عَلَى أَن تَعْجِيْل صَلَاةَ الْمَغْرِبِ أَفْضَلُ مِن تَأْخِيْرِهَا، وَكَذَلِك الْظُّهْر فِي غَيْر حَالِ شِدَّة الْحُر تَعْجِيْلُهَا أَفْضَل) إذن هناك صلاتان يستحب تعجيلهما وهي صلاة المغرب، يستحب تعجيل صلاة المغرب؛ لأن وقت المغرب قصير جدًا، وهناك نهي أن تؤخر المغرب إلى أن تظهر الكواكب، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب صل المغرب، تقام الصلاة ويصلوا، لكن ليس معنى ذلك ألا يصلوا صلاة السنة القبلية، بل بالعكس، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بلالاً يؤذن لصلاة المغرب، ثم يتبادر الصحابة إلى السواري فيصلون سنة المغرب، فإذا صلوا سنة المغرب، قام النبي صلى الله عليه وسلم خرج من بيته فدخل المسجد وأقيمت صلاة المغرب، إذن هناك سنة قبلية للمغرب، لكن يستحب ألا يؤخروا صلاة المغرب كثيرا.
لكن صلاة الظهر، يقول: (وَكَذَلِك الْظُّهْر فِي غَيْر حَال شِدَّة الْحُر)،صلاة الظهر يستحب تعجيلها، كأي صلاة، ولكن صلاة الظهر لها وقت يستحب تأخيرها فيه، إذا كان الحر شديدًا جدًا، حتى تنكسر حدة الحر، لماذا؟ قيل: لأن في هذا الوقت تُسَجَّر جهنم، وقيل: العلة في ذلك أن الصحابة كانوا يصلون في المسجد ولم يكن مسقوفًا، فكان الحر ينزل على حجارة المسجد وحصباء المسجد فكان هذا يؤذي الصحابة في جباههم، فلا يتمكنون من الخشوع في الصلاة ,هذه علل وحكم استنبطها العلماء، لكن النص موجود عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَبْرِدُوا بِالْظُّهْر فَإِن شِدَّة الْحَرّ مِن فَيْح جَهَنَّم» «أَبْرِدُوا انتظروا قليلا حتى يبرد الجو، ولا تصلوا في شدة الحر.
مسألة: وكما ذكرت لكم اختلف العلماء الآن بعد ظهور المكيفات والمراوح وهذه الأشياء، هل العلة هي الحرارة الشديدة النازلة في أرض المسجد، فتكون العلة قد زالت تعجيل صلاة الظهر حتى في وقت شدة الحر، أم أن العلة هي أن جهنم يُسجَّر عليها، فتظل العلة باقية والحكم باقيًا، الآن على قولين لأهل العلم.
¥