[العِمَامة إذا ارتفعت عمّا جرت به العادة فإِنه يلزمه أن يستأنفَ الطَّهارة، ويمسحَ على رأسه.
وهذا بالنسبة للعِمَامة مبنيٌّ على اشتراط الطَّهارة للبسها.
وعلى القول بعدم اشتراط الطَّهارة بالنسبة للعمامة فإِنه يعيد لفَّها ولا يستأنف الطَّهارة.
*مسألة:
إذا خلع الخُفين ونحوهما – مثل العمامة أو الخمار - هل يلزمُه استئناف الطَّهارة؟
- اختُلِفَ في هذه المسألة على أربعة أقوال:
القول الأول: ما ذهب إليه المؤلِّفُ رحمه الله أنه يلزمه استئناف الطَّهارة، حتى ولو كان ظهورها بعد الوُضُوء بقليل وقبل جفاف الأعضاء، فإِنه يجبُ عليه الوُضُوء، والعِلَّة: أنَّه لمَّا زال الممسوحُ بطلت الطَّهارة في موضعه، والطَّهارةُ لا تتبعّضُ، فإِذا بطلت في عضوٍ من الأعضاء بطلت في الجميع، وهذا هو المذهب.
القول الثاني: أنه إِذا خلع قبل أن تَجِفَّ الأعضاء أجزأه أن يغسل قدميه فقط، لأنَّه لمَّا بطلت الطَّهارةُ في الرِّجْلَين؛ والأعضاء لم تنشَفْ، فِإنَّ الموالاة لم تَفُتْ، وحينئذٍ يبني على الوُضُوء الأوَّل فيغسل قدميه.
القول الثالث: أن يلزمه أن يغسلَ قدميه فقط، ولو جفَّت الأعضاءُ قبل ذلك، وهذا مبنيٌّ على عدم اشتراط الموالاة في الوُضُوء.
القولُ الرَّابعُ: ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ـ أن الطَّهارة لا تبطل سواء فاتت الموالاة أم لم تَفُتْ، حتى يوجد ناقضٌ من نواقض الوُضُوء المعروفة، لكن لا يعيده في هذه الحال ليستأنف المسح عليه؛ لأنَّه لو قيل بذلك لم يكن لتوقيت المسح فائدة؛ إِذ كلُّ مَنْ أراد استمرار المسح خلع الخُفَّ، ثم لَبسه، ثم استأنف المدَّة.
وحجته: أن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعيٍّ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعيٍّ، فإِنه لا ينتقض إلا بدليل شرعيٍّ، وإِلا فالأصل بقاء الطَّهارة، وهذا القول هو الصَّحيحُ، ويؤيِّده من القياس: أنَّه لو كان على رَجُلٍ شَعْرٌ كثيرٌ، ثم مسح على شعره؛ بحيث لا يصل إلى باطن رأسه شيء من البلل، ثم حلق شعره بعد الوُضُوء فطهارتُه لا تنتقض.]
انتهى بتصرف.
** جاء في كتاب: (تمام المنة في التعليق على فقه السنة) لشيخنا الألباني -رحمه الله تعالى -: تعليق الألباني على قول مصنف (فقه السنة) [يبطل المسح على الخفين: (1) انقضاء المدة، (2) الجنابة، (3) نزع الخفين] /ص: (114 – 115) ما نصه:-
{{ ... فأما الأمر الأول والثالث فلا دليل عليهما ألبتة؛ولذلك قال شيخ الإسلام في: ((الاختيارات)) (ص9): ((لا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما، ولا بانقضاء المدة ((1))،ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه،وهو مذهب الحسن البصري،كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور)).
قلتٌ- أي: الألباني- وما ذكره عن الحسن البصري علقه البخاري عنه في: ((صحيحه)) (1/ 225)،وقال:
((قال الحسن:إن أخذ من شعره وأظفاره،وخلع خفيّه،فلا وضوء عليه)).
قال الحافظ: ((التعليق عنه -الحسن-للمسألة الأولى وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، ووافقه على ذلك إبراهيم النخعي وطاوس وقتادة وعطاء وبه كان يفتي سليمان بن حرب وداود)).
قلتُ -الألباني-:وهذا مذهب علي بن أبي طالب أيضًا، فقد أخرجه البيهقي (1/ 388)،والطحاوي في: (شرح المعاني) (1/ 58)،عن أبي ظبيان أنه رأى عليا -رضى الله عنه-بال قائما،ثم دعا بماء،فتوضأ ومسح على نعليه، ثم دخل المسجد،فخلع نعليه ثم صلى. زاد البيهقي: ((فأمَّ الناس)) وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين -البخاري ومسلم- .... }}
انتهى النقل بتصرف من كتاب: (تمام المنة ... ).
** وقال الشيخ العثيمين في كتابه: ((شرح صحيح البخاري) معلقًا على ما أورده البخاري-رحمه الله- من أثر عن الحسن البصري:
{{{قوله: ((قال الحسن:إن أخذ من شعره وأظفاره،وخلع خفيّه،فلا وضوء عليه)). إذا رأيت كلام الحسن -رحمه الله-وفتاويه علمت إنه من الفقهاء حقا،يقول: ((إن أخذ من شعره وأظفاره،وخلع خفيّه،فلا وضوء عليه)).بمعنى رجل أخذ من شاربه بعد أن غسل وجهه وانتهى من وضوئه فلا ينتقض وضوءُه،ورجل لما انتهى من الوضوء حلق رأسه فلا ينتقض وضوءُه أيضا،وهو إشارة إلى قول
آخر يعارضه،يقول: (إذا قص أظفاره،أوقص شاربه،أو حلق رأسه انتقض وضوءُه)؛ لأن جزءًا من الأعضاء الذي وقع عليها التطهير انفصل وزال،/لكن هذا القول ضعيف جدا /ولم يقل به إلا
¥