ينبغي لك ألا تسم مسألة بأنها الحق وهي على فهمك وليس لك فيها إمام أو كنت موافقا فيها لأهل الاجتهاد من العلماء، فالحق أعظم من أن تنسبه إلى فهمك أو فهمي أو فهم طالب العلم، لأنه حكم الله عز وجل، فطالب العلم إذا أصاب بفهمه في مسألة ينبغي له أن ينسبه إلى فهمه بأن يقول (وأحسب أن الصحيح)، لا أن يطلق اللفظ الذي يخشى قوله أولو العزم من العلماء والمفتين.
،، وأما قولك أن اشتراط سداد الدين مساو للشرط الذي ذكرناه، فقول غير صحيح، لأنه إذا كان الدين الذي يشترط سداده هو دين قديم بعيد كل البعد عن أعمال هذا العقد، فهو إذن شرط خارجي وليس من مقتضى العقد ولا من مصلحته في شئ، لأنه دين قديم ماطل فيه المدين وتأخر في سداده، ولا يريد سداده إلا إذا باعه المشتري كمثل البيع الأول، فلو اشترط البائع عليه تسديد هذا الدين أولا فقد استفاد أنه حرك دينه القديم الذي كان في حكم الغير مقدور عليه، فانتفع بشرط خارج عن العقد،
فظني بذلك أنه قد وقع بين قرض جر نفعا، وهو الدين الناشئ عن عملية البع الثانية، وبين بيع وشرط لا يعود بالمنفعة إلا على طرف واحد
، وإنما تحرجت من هذا الظن لما ذكرناه سابقا، فاقترحت على البائع أن يوثق دينه القديم، والجديد معا برهان أو ضمين.
وقولك:
كلامٌ فيه تناقضٌ إذ كيف يجر الشرطُ نفعا (أي: محرَّماً) رغْمَ أنه حقُّه؛ وكيف يمتنعُ على البائع أن ينتفعَ بما هو حقُّه، والحقُّ أنه لا منفعةَ هنا زائدةٌ على أصل سَداد الدَين، إذْ للبائع أن يطالبَ بِرد دَينه الذي حلَّ أجَلُه في أي وقتٍ
فلا أدري التناقض مني أم التخبط منك، إذا كان البائع قادر على أن يطالب حقه ويأخذه في أي وقت كما زعمت، فلمَ اشترط سداد دينه القديم في عملية البيع الثانية؟!!!!!!!!!
فقولك هذا يدل على أنك لا تعي المسألة جيدا
، فالمسألة - كما فهمتها - من سرد شارحها، أن المشتري عليه دين قديم من عملية البيع الأولى بستة آلاف ريال، فتأخر في سدادها، فماطال البائع على أدائها على أن يبيعه بيعة ثانية، فاشترط هو بدوره أن يسدد الستة آلاف الأولى إذا باعه البيعة الثانية.
وقولك:
- على أن المرادَ بالشرط الذي لا يصحُّ اقترانُه بالبيع هو الشرطُ المناقضُ لمقصود العقد أو المُخِلُّ بالثمن فيه بزيادةٍ أو نقصٍ، أما إذا كان لا تأثيرَ للشرط على الثمَن، أو كان غيرَ مناقِضٍ لمقصود العقد، بل مما يَعودُ على البيع بمصلحةٍ، فلا مانعَ منه
اثبت لي أخي الكريم أن هذا الشرط يعود على مصلحة البيع، وهو اشتراط سداد دين قديم عند المشتري.
وأما دعاؤك:
اللهمَّ فقِّهْنا في دِينِك، واستعمِلْنا فيما يُرضيكَ.
فأؤمن عليه بشدة، آمين آمين آمين
وأزيدك، الله لا تجعلنا ممن شملهم الوعيد في قولك سبحانك:
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}
والله أعلى وأعلم