ومن مناطات الترجيح: الترجيح بآحاد الأعيان: وهذا يقع فيه في أكثر الأحيان المبتدئ من طلاب العلم، وهذا -في الجملة- ليس من المناطات المعتبرة، وليس هو من المناطات الشريفة، وينبغي أن لا يعود الناس عليه.
ومن مناطات الترجيح: الترجيح بالملائم الخاص (أي: الملائم لحال المستفتي): وفقه الملائمة فقه حسن، ولكنه فقه دقيق يقع فيه كثير من الغلط. ومن أمثلة الملائم الخاص: طلاق السكران، ففي وقوع هذا الطلاق خلاف بين العلماء، فالبعض قد يقول: أنا أنظر في حال الزوجة، فهذا إذا كان قد انضبط عنده قول، أي: ترجح عنده قول ترجحاً بيناً، فإن اعتباره بالملائم هنا ليس اعتباراً صحيحاً، بمعنى: إذا استقر عنده قول بالظهور من جهة الدليل، وتبين له ذلك تبيناً ظاهراً، فاعتباره هنا بجهة الملائم الخاص ليس صحيحاً؛ لأنه إذا كان قد استقر عنده وتبين له بظاهر الأدلة من السنة أن السكران يقع طلاقه أو أنه لا يقع طلاقه، فينبغي أن يكون إفتاؤه على هذا الوجه؛ لأن هذه المسألة تتعلق بمسألة حل المرأة لزوجها أو لا، ويمكن للمفتي حينئذٍ: أن يرد السائل إلى عالم آخر أو نحو ذلك، .. إذاً: الترجيح بالملائم الخاص يكون صحيحاً معتبراً في بعض المسائل، ويكون غير صحيح ولا معتبراً في البعض الآخر.
ومن مناطات الترجيح: الترجيح بالملائم العام (أي: الملائم للمجتمع): فما كانت الفتوى والعمل عليه في هذا المجتمع فهو الملائم العام لهم، وقد يكون الملائم العام هو الأرفق بالمسلمين بشكل عام في سائر أمصارهم، وهذه الجهة لا تستقل بنفسها في الترجيح، لكنها أحد المستصحبات في فقه الترجيح، فكما تستصحب جهة الأكثر من أهل العلم؛ فإنه مما ينبغي أن يستصحب جهة الملائم العام.
ومما ينبه إليه: أن الأصل في الترجيح هو استصحاب الدليل النصي القاضي بالحكم، ولكن استصحاب الدليل لا يمنع من استصحاب هذه المناطات، مع مراعاة عدم الاختصاص بمستصحب واحد وكأن بين هذه المستصحبات تعارضاً.
انتهى بتصرف من تعليق الشيخ حفظه الله على رسالة رفع الملام لأبي العباس قدّس الله روحه.
ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[08 - 12 - 10, 07:59 م]ـ
هذا كلامٌ متين!
جزاكَ الله خيراً.
ـ[أبوالفداء المصري]ــــــــ[11 - 12 - 10, 06:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك وفي الشيخ يوسف
ـ[محمود عبدالعزيز يوسف]ــــــــ[11 - 12 - 10, 10:55 م]ـ
جزاكم الله خيراً ويا حبذا لو ذكرت لنا بعض المراجع التي نرجع إليها حول هذا الموضوع
ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[12 - 12 - 10, 04:26 م]ـ
جزاكم الله خيراً ويا حبذا لو ذكرت لنا بعض المراجع التي نرجع إليها حول هذا الموضوع
قال ابن غديان رحمه الله إنَّ من أهم الأشياء في طلب العلم:
1 - معرفة مصطلحات الأئمة. [وهذا يشمل: المصطلحات الحديثية + المذهبية + الأئمة من السلف (كاصْطلاحهم في القياس والنسخ)].
2 - معرفة أسباب الخلاف. [ويستفاد في هذا الباب من: الإنصاف للدهلوي وللبطليوسي، وشرح الغفيص على رفع الملام= (هذه كدراسة عامة)]. [(أما كدراسة خاصة-مسألةً مسألةً-) =فيعلم هذا بالنظر في بعض الكتب التي تعتني بهذا)، ككتاب بداية المجتهد ومناهج التحصيل للرجراجي، وبإطالة النظر في كتب المتقدمين كالأم للشافعي، والحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن].
3 - معرفة منهج الأئمة القدماء في مناقشة الأدلة. [ويستفاد: من مسائل الإمام أحمد، ومن والأم للشافعي والحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن وكتب أبي عبيد ومحمد بن نصر ... ].
ما بين المعكوفتين فمن كلام العبد الفقير ..
أخي الفاضل: جلُّ ما ذكَرَه الشيخ يتحصل من (النقطتين الثانية والثالثة).
ـ[محمود عبدالعزيز يوسف]ــــــــ[12 - 12 - 10, 07:49 م]ـ
بارك الله فيكم وأحسن إليكم
ـ[عبدالرحمن بن محمد]ــــــــ[23 - 12 - 10, 12:03 ص]ـ
بارك الله فيكم