وترجمة كل من ورد في السند من الرواة لا إشكال فيه أصلا، بل هو مطلوب للحاجة القائمة إلى ذلك، فإذا ذهبت الحاجة ذهب الطلب، ولكن الإشكال الذي دخل هو في كتابة ذلك في التخاريج، وإلا عندما نسكت عن ذكر تراجم الرواة في الإسناد فذلك لعدم الحاجة إليه لا لأننا لا نعرفهم ولم نبحث عنهم أصلا!
فإن كان المقصود بالكلام هو في تسويد صفحات لا حاجة إليها، فنعم، ولكن هذا لا يسوغ إطلاق عبارة وتقعيد ومنهج وتأصيل يُدخل أفرادا لا علاقة لها بالموضوع، فأخطاء الناس لا تحسب على المنهج الصحيح، ثم إن هذا يشمل تسويدها بالتخريج الذي لا فائدة منه بالعزو إلى الكتب التي تشترك في الإسناد دون فائدة زائدة في الموضوع _ انتبه إلى القيد _.
وكون التخريج قد يبيّن أحيانا أن لا حاجة في ترجمة بعض الرواة شيء، والإطلاق السابق شيء آخر،
وأكرر كل ما سيقال من التفصيل شيء، وإطلاق أن (علم الجرح والتعديل ليس أساسا في التصحيح والتعليل) شيء آخر، معذرة هذا تهويل.
قوله: (على الباحث أن يقوم قبل الترجمة .... ، ثم يقوم بترجمة الراوي الذي قد خالف ... )
كما قلت سابقا هذا بالنسبة له، وإلا الحفاظ والنقاد لا يستقيم معهم هذا الترتيب الذهني، وعل كل حال هذا ترتيب تطبيقي لا يسوغ هذا التقعيد.
قوله (وأما ترجمة كل من ورد في الإسناد بداية دون أن يتأمل في حال الرواية .. كما تعود عليه كثير من المعاصرين، ثم اهتمامه .... )
هل هؤلاء من العلماء؟ وهل فعلهم هذا لا يبين خطؤه إلا بهذا التعقيد، وإسقاط علم الجرح والتعديل من مكانته، وهذا يذكرني ببعض الكلمات هنا وهناك في نقد فعل بعض المخرجين بالاكتفاء بكلام الحافظ في التقريب للحكم على الحديث وذلك بهدم جهد الحافظ ابن حجر في التقريب! أما يكون هناك علاج وحل إلا هذا، هل الاعتدال والموازنة هو فقه المعاكسات.
هؤلاء يبين خطؤهم من كل جهاته من جهة التطويل ومن جهة عدم الفائدة ومن جهة ..... ، دون إسقاط علم الجرح والتعديل.
وعذرا لتكثير الكلام، لأني ظننته مفيد.
ومن عنده تذكير فليذكرنا جزاه الله خيرا.
[وهذا كلامه الآخر .. ]
الأخ الفاضل هيثم حمدان
ق
ولك: (الإئمة المتقدمون كانوا يبدؤون بالحكم على الحديث، وينتهون بالحكم على رجال السند)
بارك الله فيك، هل هذا ترتيب ذكري؟ أم ترتيب ذهني؟ أم ترتيب علمي؟ وهل قول أحدهم: (ضعيف، لا أعلم لفلان سماعا) أو نحوه هل قوله هذا بداءة بالحكم قبل النظر الذي تعنيه؟
هل كانوا فقط يقبلون ما يحفظونه من روايات الشيوخ وشيوخهم؟ فإذا جاءهم الحافظ بما لم يسمعوه يردونه!
هل لديهم أمارة على حكمهم على الحديث؟ أم يضربون هكذا ثم ينظرون فيه؟
لا خلاف أخي الفاضل أنه قد يعلم المحدث الناقد بل من هو أقل منه أحيانا ضعف حديث ما بل وضعه بمجرد سماعه دون سماع إسناده فضلا عن البحث عن أحوال رجاله، لكن هل هذه قاعدة مطردة، أم هي بعض الأحاديث مما قامت على رده القرائن، كما ذكر بعض ذلك ابن القيم في المنار المنيف، وبعض هذه القرائن لا يطلع عليها إلا حذاق أهل الحديث ممن (تضلع في معرفة السنن الصحيحة، وخلطت بدمه ولحمه، وصار له فيها ملكة، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار، ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يأمر به وينهى عنه، ويخبر عنه ويدعو إليه، وبحبه ويكرهه، ويشرعه للأمة بحيث كأنه كان مخالطا للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من أصحابه، ومثل هذا يعرف من أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه، وما يجوز أن يخبر به وما لا يجوز ما لا يعرفه غيره، وهذا شأن كل متبع مع متبوعه، فللأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله، من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن ينسب غليه وما لا يصح ما ليس لمن لا يكون كذلك) [المنار المنيف 35 - 36]، وليس هكذا أحاديث الثقات الحفاظ، مع وجود الأخطاء والمخالفات والأوهام في أحاديثهم.
¥