تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا، وصعدوا إلى السماء. قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض،يسبحونك، ويكبرونك، و يهللونك، ويحمدونك، ويسألونك ... »، وفي نهاية الحديث يقول الله: « ... قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا».

فهذا الحديث الصحيح يدل على فضل الاجتماع للذكر، والجهر به من أهل الذكر جميعاً، لأنه قال: «يذكرونك، يسبحونك، ويكبرونك، ويمجدونك» بصيغة الجمع. و هذا ما فهمه شرّاح هذا الحديث كابن تيمية في الفتاوى الكبرى، و الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم، و الحافظ ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري حيث قال: «المراد بمجالس الذكر هي المجالس التي تشتمل على ذكر الله بأنواع الذكر الواردة من تسبيح وتكبير وغيرها، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، وفي دخول الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي و مذاكرته والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر. و الأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوها والتلاوة فحسب، وإن كانت قراءة الحديث ومدارسته،والمناظرة فيه، من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله تعالى».

و هم يرفضون الاحتجاج بهذا الحديث بحجة أنه لا يذكر بصراحة ترديد الذكر بصوت واحد، فكيف يحتجون بالآثار أعلاه و الإشارة فيها لذلك أقل، و أسانيدها أضعف بكثير؟!

أما عن كراهية الإمام مالك الاجتماع لختم القرآن في ليلة من ليالي رمضان. فهذا نوافقه عليه و هو ليس من هذه المسألة. إذ أن الإمام مالك كره أن يفعل الناس فعلاً لم يكن عند السلف، كالدعاء عقب الفراغ من قراءة القرآن بصورة جماعية. و لكنه نفسه أجاز الذكر الجماعي (أي تكبير الناس بتكبير الإمام) في أيام العيد. إذ ذكر أثراً صحيحاً في الموطأ عن قيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالتكبير الجماعي. و قد أخذ الإمام مالك بهذا الحديث لأنه وافق عمل أهل المدينة في الذكر الجماعي. و قد تبعه في ذلك فقهاء المالكية المتقدمين منهم و المتأخرين.

فمن خص وقتاً معيناً بذكر معينٍ دون دليل من كتاب أو سنة، فهذا بدعة، و إلا فلا. لذلك قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: الِاجْتِمَاعُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتِمْتَاعِ كِتَابِهِ وَالدُّعَاءُ عَمَلٌ صَالِحٌ , وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ وَالْعِبَادَاتِ فِي الْأَوْقَاتِ , فَفِي الصَّحِيحِ , عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ , فَإِذَا مَرُّوا بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إلَى حَاجَتِكُمْ} وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ: {وَجَدْنَاهُمْ يُسَبِّحُونَك وَيَحْمَدُونَك}. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا أَحْيَانًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ , فَلَا يُجْعَلُ سُنَّةً رَاتِبَةً يُحَافِظُ عَلَيْهَا إلَّا مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَمَاعَاتِ وَمِنْ الْجُمُعَاتِ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مُحَافَظَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى أَوْرَادٍ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , فَهَذَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا , فَمَا سُنَّ عَمَلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِمَاعِ كَالْمَكْتُوبَاتِ , فُعِلَ كَذَلِكَ , وَمَا سُنَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ مِنْ الْأَوْرَادِ عُمِلَ كَذَلِكَ.

أدلة رفع الصوت بالتكبير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير