تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(2) إن إعادة العضو من قبل المجني عليه , وإن كان يستدرك له بعض الضرر , فإن العضو لا يعود عادة إلى ما كان عليه من المنفعة والجمال , فإسقاط القصاص أو الأرش فيه تفويت لحق المجني عليه بعد ثبوته شرعاً.

(3) إن القصاص أو الأرش قد ثبت بالقلع يقيناً , وذلك بالنصوص القطعية , فلا يزول هذا اليقين إلا بيقين مثله , وليس هناك نص من القرآن أو السنّة يفيد سقوط القصاص بإعادة العضو.

ولما ثبت أن إعادة المجني عليه عضوه لا يسقط القصاص عن الجاني , فلو قطع رجل عضوه المزروع مرة ثانية , هل يجب فيه القصاص مرة أخرى؟ قد صرح أكثر الفقهاء بأنه لا يجب , وعلّله بعضهم بأن العضو المزروع لا يعود إلى هيئته الأصلية في المنفعة والجمال , فهذا الإلصاق لا يعتدّ به , فال الموصلي الحنفي رحمه الله تعالى (والمقلوع لا ينبت ثانياً , لأنه يلتزق والعصب , فكان وجود هذا النبات وعدمه سواء , حتى لو قلعه إنسان لا شيء عليه) ().

ومقتضاه أنه لا يجب القصاص ولا الأرش , لأنه جعل النبات وعدمه سواء , ولكن اليوم أمكن في كثير من الأعضاء المقلوعة أن تعاد فتلتزق بالعروق والعصب , فلا يتأتى فيها التعليل الذي ذكره الموصلي , فالظاهر في حكم أمثالها أن لا يوجب القصاص , لأن العضو المزروع , وإن التزق بالعروق والعصب , فإنه عضو معيب لا يكون بمثابة العضو الأصلي , فلا يقطع به العضو الصحيح في أصل خلقته. ولكن بمثابة العضو الأصلي , فلا يقطع به العضو الصحيح في أصل خلقته. ولكن يجب أن يلزم به الأرش على الجاني الثاني. وهو قول الحنابلة. قال البهوتي رحمه الله (" وإن قلعه " أي ما قطع ثم رد فالتحم " قالع بعد ذلك فعليه ديته " ولا قصاص فيه , لأنه لا يقاد به الصحيح بأصل الخلقة لنقصه بالقلع الأول) ().

المسألة الثانية: إعادة الجاني عضوه المقطوع بالقصاص:

أما المسألة الثانية فهي أن الجاني إذا قطع عضوه من القصاص , فأعاده إلى محله بعد استيفاء القصاص , هل يعتبر ذلك مخالفة لأمر القصاص , فيقتص منه مرة أخرى؟ أو لا يعتبر؟.

فجزم الإمام الشافعي رحمه الله تعالى بأن القصاص قد حصل بإبانة عضو الجاني مرة , فلو أعاده إلى محله فإنه لا يلغي استيفاء القصاص السابق , فلا يقتص منه مرّة ثانية , وإن ترك العضو المزروع في محله لا يعتبر مخالفة لأمر القصاص. قال رحمه الله بعد بيان المسألة الأولى وهي إعادة المجني عليه عضوه إلى محلّه (وإن لم يثبته المجني عليه , أو أراد إثباته فلم يثبت () وأقص من الجاني عليه , فأثبته , فثبت , لم يكن على الجاني أكثر من أن يبان منه مرّة , وإن سأل المجني عليه الوالي أن يقطعه من الجاني ثانية لم يقطعه الوالي للقود , لأنه قد أتى بالقود مرّة إلا أن يقطعه لأنه ألصق به ميتة) ().

فظهر أن الجاني لا يمنع من ذلك , ولا يقطع عضوه مرة ثانية , لمخالفته لموجب القصاص. وأما ما ذكره الشافعي رحمه الله من الأمر بقطعه بسبب إلصاق الميتة فسيجيء الكلام على ذلك تحت المسألة الثالثة إن شاء الله تعالى.

وأما الحنابلة , فعندهم في هذه المسألة قولان: أحدهما موافق للشافعية , وجزم به ابن قدامة في المغني , فقال (وإن قطع أذن إنسان , فاستوفى منه , فألصق الجاني أذنه , فالتصقت , وطلب المجني عليه إبانتها , لم يكن له ذلك , لأن الإبانة قد حصلت , والقصاص قد استوفي , فلم يبقَ له قبله حق ... والحكم في السنّ كالحكم في الأذن) ().

وكذلك جزم القاضي أبو يعلى بأنه لا يقتص منه ثانياً , فقال رحمه الله (فإذا قطعنا بها أذن الجاني , ثم ألصقها الجاني , فإن قال المجني عليه: ألصق أذنه بعد أن أثبتها , أزيلوها عنه , قلنا: بقولك لا نزيلها , لأن القصاص وجب بالإبانة وقد وجد ذلك) ().

ولكن جزم ابن مفلح في الفروع بأنه يقتص من الجاني مرة ثانية , فقال (ولو ردّ الملتحم الجاني أقيد ثانية في المنصوص) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير