تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمسألة المذكورة في (التجنيس) و (الخلاصة) و (السراج الوهاج) أيضا , كما في (البحر) و (رد المحتار) واستشكلها بعض العلماء بالأصل المذكور , فإن الأذن تحلها الحياة , فينبغي أن تصير نجسة بالإبانة على ما ذكرنا من أصل الحنفية. وأجاب عنه المقدسي , كما نقل عنه ابن عابدين بقوله (والجواب على الإشكال أن إعادة الأذن وثباتها إنما يكون غالباً بعود الحياة إليها , فلا يصدق أنها مما أبين من الحيّ , لأنها بعود الحياة إليها صارت كأنها لم تبن , ولو فرضنا شخصاً مات , ثم أعيدت حياته معجزة , أو كرامة , لعاد طاهراً) ().

وعلق عليه ابن عادين بقوله (أقول: إن عادت الحياة إليها فهو مسلم , لكن يبقى الإشكال لو صلى وهي في كمّ مثلاً , والأحسن ما أشار إليه الشارح – أي صاحب " الدر المختار " – من الجواب بقوله: وفي " الأشباه " ... إلخ , وبه صرح في " السراج " – أي حيث قال: والأذن المقطوعة والسنّ المقطوعة طاهرتان في حق صاحبهما , وإن كانتا أكثر من قدر الدرهم – فما في " الخانية " من جواز صلاته ولو الأذن في كمّه , لطهارتهما في حقه , لأنها أذنه) ().

وعبارة الأشباه التي أشار إليها ابن عابدين نصها ما يلي (الجزء المنفصل من الحيّ كميتة , كالأذن المقطوعة والسن الساقطة إلا في حق صاحبه فطاهر وإن كثر) ().

وتبين بهذه النصوص الفقهية أن العضو المبان من الآدمي ليس نجساً في حق صاحبه عند الحنفية , وكذلك إذا حلته الحياة بعد الإعادة , فإنه ليس نجساً في حق أحد. وإنما النجس عند الحنفية في حق الغير ما أبين من الآدمي فلم تحلّه الحياة بالإعادة. فثبت أن الحكم عند الحنفية في مسألتنا مثل المختار من مذهب الشافعية , أن إعادة العضو المبان إلى محلّه لا ينحسه , فلا يمنع منه , ولا تفسد به الصلاة.

أما المالكية فإن المتعمد عندهم أن ما أبين من الآدمي ليس نجساً. قال الدردير في (الشرح الكبير) (فالمنفصل من الآدمي مطلقاً طاهر على المعتمد).

وقال الدسوقي تحته (أي بناء على المعتمد من طهارة ميتته , وأما على الضعيف فما أبين منه نجس مطلقاً ... على المعتمد من طهارة ما أبين من الآدمي مطلقاً , يجوز ردّ سن قلعت لمحلها لا على مقابله) ().

ثم ذكر الحطاب أن القول بالنجاسة , على كونه مرجوحاً , إنما يؤثر في ابتداء الإعادة فيمنع منه الرجل ابتداء , ولكن إذا ردّ الإنسان السنّ إلى موضعها , فثبتت والتحمت جازت صلاته على هذا القول أيضاً.

وفي البرزاليّ (إذا قلع الضرس وربط لا تجوز الصلاة به , فإن ردّه والتحم , جازت الصلاة به للضرورة) ().

وذكر الزرقاني عن المدونة أن القول بالنجاسة , - وإن كان ضعيفاً كما أسلفنا – يستثنى من مواضع الضرورة. قال رحمه الله (وعلى عدم طهارة ميتته لا ترد سنّ سقطت , وعلى طهارتها تردّ. وظاهره لم يضطر وإن لردّها على هذا بخلافه على الأول , فيجوز للضرورة كما في " شرح المدونة " وروي عن السلف , عبدالملك وغيره أنهم كانوا يردونها ويربطونها بالذهب) ().

فظهر أن الراجح في مذهب المالكية طهارة العضو المبان فيجوز إعادته إلى محلّه , ولو عاد وثبت والتحم , حكم بطهارته وجواز الصلاة فيه على القولين جميعاً.

والحنابلة عندهم في ذلك روايتان. قال ابن مفلح (وإن عاد سنه بحرارتها , فعادت فطاهرة , وعنه نجسة) ().

ولكن رجح المرداوي الطهارة , وذكر أن عليه الأكثرين , قال رحمه الله (فإن سقطت سنّه فأعادها بحرارتها , فثبتت , فهي طاهرة , هذا المذهب , وعليه الجمهور , وقطع به أكثرهم , وعنه أنها نجسة ... وكذا الحكم لو قطع أذنه فأعادها في الحال. قاله في القواعد) ().

وبهذا القول جزم البهوتي أيضا (). وهو مؤيد بما رواه أبو يعلى عن الإمام أحمد رحمه الله برواية الأثرم في مسألة القصاص نفسها. قال (ونقل الأثرم عنه في الرجل يقتص منه أذن أو أنف , فيأخذ المقتص منه فيعيد بحرارته فيثبت و هل تكون ميتة؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس ... فقيل له: يعيد سنّه؟ قال: أما سنّ نفسه فلا بأس , وهذا يدل على الطهارة , لأنه بعض من الجملة , فلما كانت الجملة طاهرة كان أبعاضها طاهرة) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير