ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[13 - 03 - 04, 12:49 ص]ـ
قول الشيخ الفوزان:
(أن كل واحد يدفع ما يدفع بصفة قرض مشروط فيه قرض من الطرف الآخر فهو قرض جر نفعًا)
ذكرت سابقا أن المنفعة المتبادلة لا تدخل في هذا الباب لأن كل مشارك يأخذ القرض و المنفعة أما المحرم فهو أخذ زيادة سواء مال أو منفعة من دون مقابل فهذا يدخل في الربا لذا ذكرت أن من ادخل هذه المسألة في باب الربا لم يعلم حقيقة القرض الذي جر منفعة و نقلت كلام شيخ الإسلام و أردت بذلك أن أبين أن المنافع المتبادلة لا تدخل في التحريم حتى لو كانت من ضمن القروض فكل يسلم على رأس ماله من غير زيادة مع وجود تبادل المنافع من الطرفين فلا وكس و لا شطط أليس كذلك؟؟؟.
فيجب أن نعرف حقيقة التحريم في ربا الفضل ثم نعرف بعد ذلك ما يدخل في ربا الفضل المحرم و ما لا يدخل فيه من الصور.
فالمتدبر في الأدلة المحرمة لربا الفضل أنه أخذ زيادة مع القرض من دون مقابل لهذه الزيادة و إلا لو أخذ المقترض من المقرض زيادة منفعة أو سلعة مقابل هذه الزيادة لجاز و كذلك هذه المنفعة و هي أن يقرضه إذا أقترض منه جاز لأن المنفعه متبادلة و رأس المال رد إلى صاحبه من غير زيادة من جنسه و لا من غير جنسه.
ثم إن هذا التبادل من الإرفاق بين المشتركين كما أن القرض من الإرفاق و الله تعالى لم ينه عما ينفع الناس و إنما نهى عما يضرهم.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[13 - 03 - 04, 06:38 ص]ـ
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (و لو أجره حنطة أو نحوها لينتفع بها ثم يرد اليه مثلها مع الاجرة فهذا هو القرض المشروط فيه زيادة على المثل و هذا النزاع اذا اكراه بقيمة المثل و أقرضه القوة و نحوها مما يستعين به المكتري كما لو أكراه حانوتا ليعمل فيه صناعة أو تجارة و أقرضه ما يقيم به صناعته أو تجارته
فأما ان أكراه بأكثر من قيمة المثل لأجل القرض فهذا لا خير فيه بل هو القرض الذي يجر الربا).
و مراد الشيخ أن القرض إذا جر منفعة و كانت المنفعة مثلها يستحق المقابل فهذا فيه خلاف بين أهل العلم.
و أما إذا كانت المنفعة التي جرها القرض لا تستحق مقابلها و إنما القرض دفع المقترض إلى دفع زيادة على قيمتها فهذا هو القرض الذي جر منفعة فدخل في ربا الفضل.
و صورتنا هذه هي من النوع المتنازع فيه هل هو يدخل في القرض الذي جر منفعة فدخل في باب الربا أم هو من باب تبادل المنافع لأن المقرض لم يؤخذ أكثر من حقه و المقترض لم يحابيه و يزيده على ما يستحق لذا ما نقل من إجماعات لا تدخل فيه الصورة التي ذكرناها فلا وجه لإيرادها.
و أوردت كلام شيخ الإسلام هذا حتى لا يظن ظان أن مسألتنا هذه مجمع على تحريمها بل هي مما تنازع أهل العلم فيها لذا كان المرجع فيها إلى الدليل عند الترجيح.
و كنت قد نقلت مسألة السفتجه و الخلاف فيها و ترجيح شيخ الإسلام بن تيمية.
و أما قاعدة (أيما قرض جر منفعة فهو ربا) و فهمها على إطلاقها بأن أي قرض جر منفعة حتى لو كانت المنفعة متبادلة مردودة بمثلها فهذا الفهم غير مجمع عليه كما أوردنا مسألة السفتجه و هي بلا شك قرض جر منفعة بحيث انتفع المقرض مؤونة التنقل و السفر و التحمل و خطر الطريق فكيف يقال بأنه لم يجر منفعة ثم كذلك المسألة التي ذكرها شيخ الإسلام و هي من أكرى حانوتا لشخص بثمن المثل و أقرضه مالا ليتاجر بها في الحانوت تدخل كذلك في هذه القاعدة و مع ذلك اختلف أهل العلم في تحريمها.
و أما المسألة المجزوم بدخولها في هذه القاعدة هي مسألة الإكراء بأكثر من ثمن المثل أو تكون المنفعة جرت عن طريق القرض من غير مقابل لها من المقترض.
ثم قوله (الوجه الثاني: أن الذين خصصوا هذا التخصيص إنما ذكروه في مسألة السفتجة , والسفتجة ليس فيها تقارض من الطرفين , وإنما فيها قرض من طرف واحد , وذلك بأن يُقرضه دراهم , على أن يرد عليه بدلها من بلد آخر؛ ليسلم من خطر الطريق , هذا ينتفع بالدراهم , وهذا ينتفع بالأمن من خطر الطريق , والقرض من طرف واحد.)
ما الفرق بين التقارض من الطرفين أو من طرف واحد ما دام القرض جر منفعة و أنت ترى أن القرض متى ما جر منفعة حرم فالمنفعة وجدت سواء مع التقارض أو مع السفتجه فإذا جاز في السفتجه الإنتفاع من هذا القرض فما المانع من الإستفادة منه في التقارض فلا فرق مؤثر بين الصورتين فالمقترض في السفتجه استفاد من المقرض بسبب القرض و المقترضان في تبادل التقارض انتفعا من بعضهما البعض من غير أخذ زيادة من غير مقابل بل لعل السفتجه إلى التحريم منها أقرب من التقارض المتبادل لأن في السفتجه حصل المقترض على منفعة من قرضه و هي أمن الطريق على ماله و ثمن مؤونة التحمل و ضمن رأس ماله و مع ذلك تنازع العلماء في تحريمه بينما التقارض المتبادل انتفع كل منهما من الآخر مع بقاء رأس مال كل منهما ثابتا فمن باب أولى أن يختلف أهل العلم في تحريم مثل هذه الصورة.
فبطل هنا الإستدلال بالإحماع على تحريم الصورة الت ذكرنا.
¥