وقال ابن حبان: كان مدلساً ().
وقال أبو داود قيل ليحي بن معين في تساهل هُشيم فقال: ما أدراه ما يخرج من رأسه ().
وقال الذهبي: إمام ثقة مدلِّس ().
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت كثير التدليس، والإرسال الخفي ().
خلاصة القول في هُشيم بن بشير ـ رحمه الله تعالى:ـ
خلاصة القول فيه ما قاله عنه الإمام الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ قال: (لا نزاع في أنه كان من الحفاظ الثقات، إلا أنه كثير التدليس فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم) ().
قلت: إذن رواية هُشيم ـ رحمه الله تعالى ـ إذا صرح فيها بالسماع قبلت روايته، وإذا لم يصرح بالسماع وعنعن فإننا لا نقبل روايته إلا إذا توبع، وهنا لم يتابع، وعنعن.
الحكم على هذا السند:
السند هنا لا يُحكم بصحته لوجود علة التدليس من هُشيم، ولأن هُشيم لم يصرح بالتحديث في شيء من طرق الحديث إذن هذه علة في السند ـ والله تعالى أعلم ـ.
كلام العلماء على أثر جرير بن عبدالله البجلي ?:
الذي صحح هذا الخبر من العلماء:
صححه النووي (ت676هـ) في المجموع ().
وقال البوصيري (ت840هـ) في مصباح الزجاجة: إسناده صحيح رجال الطريق الأول على شرط البخاري، والثاني على شرط مسلم ().
وصححه الألباني في أحكام الجنائز ()، وفي صحيح ابن ماجه ().
الذي أعلَّ هذا الخبر من العلماء:
أعله الإمام أحمد، ونفه أصلاً كما في سؤالات أبي داود:
قال أبو داود: ذكرت لأحمد حديث هُشيم عن إسماعيل عن قيس عن جرير ?: كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت، وصنيعة الطعام من أمر الجاهلية، قال: زعموا أنه سمعه من شريك، قال أحمد: ولا أرى لهذا الحديث أصلاً ().
وسئل الدارقطني عن حديث قيس عن جرير?: (كانوا يرون الاجتماع إلى أهل الميت، وصنع الطعام من النياحة)، فقال: يرويه هُشيم بن بشير واختلف عنه فرواه سريج بن يونس والحسن بن عرفة عن هُشيم عن إسماعيل عن قيس عن جرير، ورواه خالد بن القاسم المدائني، قيل ثقة، قال لا أضمن لك هذا، خرجوه عن هُشيم عن شريك عن إسماعيل، ورواه أيضا عباد بن العوام عن إسماعيل كذلك) ().
وأما تصحيح الأئمة كالنووي، والبوصيري، والألباني ـ رحمهم الله تعالى أجمعين ـ، فإن تصحيحهم مرجوح لأمرين هما:
1 - أن الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ)، وأبي الحسن علي بن عمر الدراقطني (ت 385هـ) أقرب إلى معرفة هُشيم ممن بعدهما، وأعلم بروايته ومسموعاته ومرسلاته من غيرهما، فإنهما متقدمان على من جاء بعدهما ممن صحح هذا الأثر.
2 - ولأن هذين الإمامين قد أعلَّا هذا الأثر بعينه مما يدل على علمهما ودرايتهما به، وبروايته.
ويعتذر لهؤلاء الأئمة بان كلام الإمام أحمد والدارقطني في أثر جرير? لم يبلغهم، ولو بلغهم لأخذوا به حتماً.
* وعلى فرض صحة هذا الأثر، فمعناه: أنه مُنَعَ هذا الفعل بسبب النياحة التي هي من خصال الجاهلية التي قال عنها الرسول ? كما في حديث أبي مالك الأشعري ? قال: قال النبي ?:" أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" ()، فالنياحة على الميت من خصال أهل الجاهلية، فما هي خصال الجاهلية؟
صورة النياحة التي فسرها السلف ـ أي الصحابة رضوان الله عليهم ـ أن النياحة لها صور ومن صورها في الاجتماع على العزاء أنها جمعت أمرين:
أ- أن يكون هناك اجتماع للعزاء عند أهل الميت.
ب- أن يكون هناك صنع للطعام من أهل الميت لإكرام من يأتيهم من أضياف، ومن يجتمع عندهم، والنياحة تكون بكثرة من يمكث عندهم إظهاراً لمصيبة هذا الميت.
قال الإمام الشوكاني (ت1250هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ عند قول جرير ?: " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت الخ "قال: (يعني أنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعًا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلتهم مع ما هم فيه من شغلة الخاطر بموت الميت وما فيه من مخالفة السنة لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعامًا فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم) ().
¥