صِحَّته , إِذْ أَمَرَهُ تَعَالَى ذِكْره أَنْ يُسَبِّح بِحَمْدِ رَبّه إِذَا جَاءَهُ نَصْر اللَّه وَفَتْح مَكَّة , وَأَنْ يَسْتَغْفِرهُ , وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ تَوَّاب عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ , فَفِي ذَلِكَ بَيَان وَاضِح أَنَّ قَوْله تَعَالَى ذِكْره: {لِيَغْفِر لَك اللَّه مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبك وَمَا تَأَخَّرَ} إِنَّمَا هُوَ خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَنْ جَزَائِهِ لَهُ عَلَى شُكْره لَهُ , عَلَى النِّعْمَة الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ مِنْ إِظْهَاره لَهُ مَا فَتَحَ , لِأَنَّ جَزَاء اللَّه تَعَالَى عِبَاده عَلَى أَعْمَالهمْ دُون غَيْرهَا. وَبَعْد فَفِي صِحَّة الْخَبَر عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُوم حَتَّى تَرِم قَدَمَاهُ , فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُول اللَّه تَفْعَل هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبك وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: " أَفَلَا أَكُون عَبْدًا شَكُورًا؟ " , الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّ الَّذِي قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل , وَأَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , إِنَّمَا وَعَدَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُفْرَان ذُنُوبه الْمُتَقَدِّمَة , فَتَحَ مَا فَتَحَ عَلَيْهِ , وَبَعْده عَلَى شُكْره لَهُ , عَلَى نِعَمه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَأَسْتَغْفِر اللَّه وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي كُلّ يَوْم مِائَة مَرَّة " وَلَوْ كَانَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ خَبَر اللَّه تَعَالَى نَبِيّه أَنَّهُ قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه وَمَا تَأَخَّرَ عَلَى الْوَجْه الَّذِي ذَكَرْنَا , لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهِ إِيَّاهُ بِالِاسْتِغْفَارِ بَعْد هَذِهِ الْآيَة , وَلَا لِاسْتِغْفَارِ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبّه جَلَّ جَلَاله مِنْ ذُنُوبه بَعْدهَا مَعْنًى يُعْقَل , إِذْ الِاسْتِغْفَار مَعْنَاهُ: طَلَب الْعَبْد مِنْ رَبّه عَزَّ وَجَلَّ غُفْرَان ذُنُوبه , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذُنُوب تُغْفَر لَمْ يَكُنْ لِمَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ غُفْرَانهَا مَعْنًى , لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحَال أَنْ يُقَال: اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي ذَنْبًا لَمْ أَعْمَلهُ))
وأيضا قال عند تفسير قوله تعالى في سورة محمد (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) قال (({وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك} وَسَلْ رَبّك غُفْرَان سَالِف ذُنُوبك وَحَادِثهَا , وَذُنُوب أَهْل الْإِيمَان بِك مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء. وَقَدْ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ: ثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَرْجِس , قَالَ: أَكَلْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت: غَفَرَ اللَّه لَك يَا رَسُول اللَّه , فَقَالَ رَجُل مِنْ الْقَوْم: أَسْتَغْفِر لَك يَا رَسُول اللَّه , قَالَ: " نَعَمْ وَلَك " , ثُمَّ قَرَأَ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}))
فعلم أن المسألة متقدمة وقد قال بها الأئمة الفحول.
ـ[باوزير]ــــــــ[09 - 06 - 2005, 02:39 م]ـ
وبالنسبة لبعض الشبه التي ذكرها الأستاذ الشرباتي أيضا قد أجاب عنها الأستاذ أبو سارة.
ولكن أقول له: حفظك الله لا يلزم من القول بذلك تنقص الأنبياء أبدا وإلا للزمنا اتهام العلماء الكبار - وهم الجمهور - من الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة وكثيرمن أهل الحديث والأشعرية والصوفية وغيرهم بأنهم تنقصوا النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا قائل به.
وليراجع ما كتبه الأستاذ أبو سارة مرة أخرى وثانية وثالثة في الحق الذي لا محيد عنه.
ـ[باوزير]ــــــــ[09 - 06 - 2005, 02:56 م]ـ
وهنا أسوق كلاما نفيسا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، نحتاج إليها في هذه المسألة وفيها رد على من ادعى أن في ذلك تنقصا للرسول صلى الله عليه وسلم ..
¥