ـ[عالم آخر]ــــــــ[04 - 07 - 2005, 10:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أخي الأمين
بالنسبة لموضوع المجاز دعني أخبرك بأنك ابتداءً من اليوم يجب أن تعيد غربلة ثقافتك القرآنية ولا أقولها متغطرساً بل ناصحاً!! وبعد: يجب ان يعرف الجميع بأن القرآن لا يجري على قواعد اللغة العربية وأنه يخالف العرب في أساليبهم, هذه هي المقدمة التي غفل عنها العلماء حيث للقرآن قواعده الخاصة به وهذا هو جوهر تميزه عن بقية الكلام, وهو الذي يفتح باب معرفة الاعجاز .. أي الذي تراه هو آيات وتراكيب لا تخضع لقواعد كلام العرب.
يتلخص جواب العلماء بالنص الآتي الذي يمثل مجموع آرائهم والمكتوب من قبل حجة من حججهم وهو:
(لو كان في القرآن ما يخالف كلام العرب وبلاغتهم واساليبهم لأخذوه حجة عليه واستراحوا به من معارضتهم وفيهم البلغاء العارفين بأساليب اللغة ثم أن القواعد وضعت بعد القرآن وهو أحد مصادرها فاذا خالف القواعد فالنقص على القواعد لا على القرآن وهو لا يتم الا فيما اتفقت عليه القراءات).
وأضاف النص قائلاً: (ولو كان قد وقع شيء من نقد العرب عليه لاحتفظ به التاريخ ونقله أعداء الاسلام)
ويقول المنهج أن الشاك لا يرضى بهذه الاجابات لأن المخالفة لأساليب العرب لا تعني بالضرورة أن يكون أوطأ منها ليأخذوه حجة عليه بل اقروا أنه (يعلو ولا يعلى عليه وانه يحطم ما تحته) وهذا هو اعتراف احد عتاة قريش وأبلغهم بلسان العرب يومها. فقوله بتحطيم ما تحته له مدلولان الأول: انه يخالف أساليبهم علواً ورفعة والثاني: ان هذا العلو لا يعلى عليه وبالتالي يكون معنى العبارة أن لغتهم خاطئة وأساليبهم اللغوية واهية وأن هذا الكلام هو الوحيد الصحيح صحة مطلقة بحيث أنه يحطم كل ما هو سواه فلماذا تجيء العلماء تترى بعد ذلك والى هذا القرآن ليقولوا أشياء لم يقل مثلها حتى عتاة قريش ويجعلونه خاضعاً لقواعد اللغة العربية وأساليبها؟ أم بلغ بهم الأمر في الانحراف حداً تجاوز فيه حتى المشركين وهم مع ذلك يرفعون لواء الحماية عن القرآن والدين؟
اذن فقول النص المدافع عن القرآن: لأخذوه حجة عليه واستراحوا- جوابه: انه مخالف لأساليبهم لدرجة أنهم عجزوا أن يأخذوه حجةً عليه لعلوه في المخالفة لا لدنوه فيها .. فلم يستريحوا ولن يستريحوا.
نعم ان المصيبة أن عتل قريش استراح من معارضته لأنه علم انه (يعلو ولا يعلى عليه ويحطم ما تحته) .. ولكن الذي لم يسترح الى الآن علماء الاسلام اذ لا زالوا يبحثون عن مخارج لمخالفته لقواعدهم (كما سيمر عليك ان شاء الله).
وقبل ان تحكم علي بالجنون (ربما) خذ هذه النماذج:
يقول ابن خالويه في كتابه (ليس في كلام العرب) - ص158:
(ليس في كلام العرب فاعل بمعنى مفعول الا قولهم ريح ساف وانما هو مسفي ومثله "عيشة راضية" وانما هي مرضية و "ماء دافق" وهو مدفوق وسر كاتم وليل نائم وأنشد: فنام ليلي وتجلى همي .. الخ).
وقد يجيء مفعول بمعنى فاعل كما في قوله تعالى (حجاباً مستورا) بمعنى ساتراً وقوله (فما ربحت تجارتهم) والتجارة لا تربح وانما يربح فيها وكذلك (فاذا عزم الأمر) تأويله اذا عزمتم أنتم على الأمر ومثله (اشتعل الرأس شيبا) وانما اشتعل الشيب في الرأس.
وأضاف الشارح: ومنه (وحرمنا عليه المراضع) , (يوم يعرض الذين كفروا على النار) قال وهو كثير في الأساليب العربية. انتهى.
وتلاحظ هنا بجلاء كيف حشر التراكيب القرآنية مع الأمثال والأقوال العامة وأبيات الشعر, فلو قال النحوي أنه يومن أن القرآن كلام الله وأنه معجز فهو لا ينفع لاثبات صحة الدعوى بعد اعتباره عملياً مثل كلام البشر.
وستقول لي فكيف يفهم القرآن وهو مخالف لأساليب العرب. فاقول: ان هذا ليس بسؤال وجيه ونحن نتحدث عن منهج النظام القرآني. وستقول فكيف ذكر الله أنه كتاب عربي فأقول: أنه ما قال أنه كتاب عربي بل قال قرآن عربي وقال كتاب الهي بلسان عربي واللسان شيء غير القواعد والأساليب.
اذن فالقرآن كتاب معجز لا يمكن الاتيان (بمثله) وحشر تراكيبه اسوة باقوال المخلوقين في تلك القواعد معناه ان كلام هؤلاء (مثله)!! فماذا تعني بالمثلية ان لم تعن ذلك؟! بل القواعد هي فلسفة الكلام ونظمه واعرابه فماذا يبقى من الاعجاز؟! اليست تلك الجمل والأبيات الشعرية الفاظاً منتظمة بصورة معينة؟!
¥