تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قبل أن نجلّي حقيقة (الأسماء) التي علّمها الله آدم عليه السلام، نريد أن نعيد إلى الأذهان مذاهب الناس في تأويل تلك (الأسماء)، ذلك أن الإطلاع عليها سيساعدنا في التوصل إلى ما نرومه بإذن الله تعالى. وقد ذكر العلماء فيها احتمالات عديدة، وهي كما يلي:

1 - علّمه أسماء النجوم فقط، رُوي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد.

2 - علّمه أسماء الملائكة فقط، رُوي عن الربيع بن خيثم.

3 - علّمه أسماء ذريته أجمعين، قاله ابن زيد.

4 – علّمه أسماء ذريته الطيبّين الطاهرين من أنبياء ورسل وصالحين .. ، قاله ابن كثير.

5 - علّمه أسماء ذريته والملائكة، قاله الطبري.

6 - علّمه كلمة واحدة عرف منها جميع الأسماء، حكاه النقاش عن ابن عباس.

7 - علّمه أسماء الأجناس كالخيل والجبال والأودية ونحو ذلك.

8 - علّمه أسماء ما خلق في الأرض، قاله ابن قتيبة.

9 - علّمه الأسماء بلغة واحدة ثم وقع الاصطلاح من ذريته في سواها.

10 - علّمه الأسماء بكل لغة تكلمت بها ذريته.

11 - علّمه أسماء جميع الأشياء كلها جليلها وحقيرها، رُوي عن ?بن عباس وعِكرمة وقتادة ومجاهد و?بن جُبير.

هذا هو ملخّص لما جاء في مذاهب الناس في تأويل تلك (الأسماء) التي علّمها الله آدم عليه السلام. ولا نريد أن نكثر من الأمثلة، فكل من اطلع على كتب التفسير علم أن المفسرين – رحمهم الله – أودعوا كتبهم كل ما عثروا عليه من وجوه التأويل. ومعلوم كذلك أن تلك الوجوه بأسرها لا تصلح لأن تكون تفسيراً لتلك الكلمة أو الآية، فإن فيها ما هو سليم ومنها ما هو سقيم، والوجه الصحيح المراد يكون واحداً لا غير، فإن الكلمة الواحدة أو الآية الواحدة لا تحتمل في سياقها أكثر من معنى واحد. ولا شكّ أن العلماء الذين نقلوا لنا هذه الأقوال المختلفة في تفاسيرهم أرادوا أن يخلوا بيننا وبين كل ما قيل في تأويل الآيات حتى نختار منها ما يترجّح عندنا، ولكن ليس لنا أن نحفظ تلك الأقوال كلها من غير ترجيح بعضها على بعض فنبقى حيارى جاهلين. ولذلك نرى السلف – رحمهم الله – ما كانوا يفسّرون الكلمة أو الآية إلا على وجه واحد، وقد أخرج أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه ".

ولعلّ هذا التعارض - واشتباه الوجوه وكثرة الاحتمالات - في أقوال المفسّرين، هو الذي دعا الباحث أبا عرفة إلى نبذ ما جاء في هذه التآويل، حيث يقول: «ومن أجل أننا لا نرى المفسرين يبنون موضوعاً موحداً لتأويل مشكل ما، فأن يقول أحدهم في معرض تأويله لأسماء " هؤلاء ": هي أسماء الأشياء، ثم لا يبني ما يرى على السياقات والمباني المشتركة للسورة نفسها، أو يقول: هي أسماء النبيّين هكذا دون بناء موضوعي، ولا إسناد دلالي، يشدّ مذهبه ويقنع سامعه، بل قول بظن وحسب، فهذا ما لا يصلح أن يكون تأويلاً، مهما علا شأن قائله من دون النبي».

وإذا كانت أقوال المفسرين لا تخلو من «اضطراب مع سياق الموضوع، وارتباطه بما قبله وما يليه من المبنيات والمتتاليات على ما جرى بعدها .. »، على حدّ زعمه، لذلك «وجب علينا نحن إن تقدّمنا بفهم ما، أن نأتي بتأويل مضطرد يسدّ خلل اضطراب التأويل الأول». هذا قوله! ولكن ما هو هذا التأويل الجديد لـ" الأسماء "، والذي من شأنه أن يسدّ خلل اضطراب التأويل الأول؟

يدّعي الباحث أن " الأسماء " إنما كانت أسماء الأنداد التي ستُعبَد في الأرض. ويستدلّ على ذلك بأن الأسماء في القرآن «واحدة من اثنتين: إما أسماء الله الحسنى، أو أسماء الأنداد وما يُعبَد من دون الله. ولما كانت الملائكة أكثر خلق الله معرفة بأسمائه الحسنى، ولم تعلم البتة (أسماء هؤلاء) الذين عُرضوا عليها، وجب أن تكون (الأسماء) الثانية أسماء الأنداد، تعالى صاحب الأسماء الحسنى. وأنه لا محل البتة لما يذهب إليه الأكابر من العلماء جزاهم الله عنا كل خير بما أسلفوا، إلى أنها أسماء (الأشياء) كلها، وأنها اللغات والألسن.»

هكذا إذن يلج الباحث أبو عرفة آية الاستخلاف، وبهذا المفتاح يريد أن يفتح مكامنها!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير