وكيف يكون أهل الذكر أهل الكتب السابقة والله يقول للمشركين أن يسألوهم عن البينات والزبر .. صدقني ان سألوهم أضلوهم ودعوهم الى دينهم!!
اين عقلك يا هذا ..
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 07 - 2005, 09:02 م]ـ
اين عقلك يا هذا ..
يأيها المغرور بنفسه .. والمسفّه لعقول غيره ..
كأنّي أراك ..
توقظ الغافلين بإنذارك .. وتتناوم عن سهمك وتهجع ..
وتخصّ غيرك بخيرك .. ونفسك الفقيرة لا تنفع ..
وتحوم على الحق .. وأنت بالباطل مولع ..
وتتعثر في المضايق .. وطرق النجاة مهيع ..
وترى الأهوال محيطة بك .. وأنت في ميدان اللهو ترتع ..
وتستقبح أفعال الجهال .. وباب الجهل تقرع ..
وقد آن لك أن تأنف من التعنيف .. وعن الدنايا تترفع ..
وقد سار المخفون وتخلفت .. فماذا تتوقع .. ؟؟
ليس إليك أكتب هذه المرة .. ولكنه تحذير مما تبدع ..
فقد رأيت أني أكتب .. وما أنا لك بمسمع ..
أما بعد،
فقد بيّت فيما سبق أن كلمة (ذكر) لها أكثر من معنى، وأن هذه المعاني قد اتضحت من خلال فروق يدلّ عليها السياق .. واتضح لنا أنها كلها تشترك في معنى (عامّ) واحد هو القرآن، وبعبارة أدقّ: فإنها كلها تدلّ على صفة من صفات القرآن هي التذكير، والفرق بينها هو فرق تحدّده خصوصيات في المعنى أو في السياق.
وإذا تدبّرنا قوله تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " (النحل 43 - 44)، نجد أن جملة " فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ " مرتبطة بالنصّ الذي قبلها، لأن نهاية النصّ السابق " إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ " مرتبطة دلالته ببداية النصّ اللاحق " بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ". وإذا تمّ هذا الربط الموضوعي بين النصّين وجب النظر إليهما معاً، وتفسيرهما بشكل منسجم مع بعضهما.
فكلمة " أَهْلَ الذِّكْرِ " في النصّ الأول هم أهل الكتاب، والذكر الذي نزل إليهم هو التوراة والإنجيل، أما كلمة " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ " في النصّ الثاني، فهي القرآن الكريم، والذي نزل إليه الذكر هو نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وجملة " مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " غير عائدة إلى كلمة (الذكر) التي قبلها مباشرة، وإنما عائدة إلى كلمة (الذكر) السابق الذي نزل للناس.
فالنصّ الكريم يحتوي على فعلَي نزول:
الأول: " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ "، والمخاطَب به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذكر الذي نزل إليه هو القرآن الكريم.
الثاني: " مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ "، وهو فعل نزول إلى الناس سابقاً، وليسوا هم إلا أهل الكتاب، والذكر الذي نزل إليهم هو التوراة والإنجيل.
ففعلا النزول غير عائدين إلى مادّة واحدة، وإنما لكل منهما مادّة مستقلّة، فتكون وظيفة التبيين للنبي صلى الله عليه وسلم " لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " هي استخدام الذكر الذي أُنزل حديثاً " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ "، الذي هو النصّ القرآني في عملية التبيين للذكر الذي نزل سابقاً " مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ "، الذي هو التوراة والإنجيل، ويكون البيان من النبي صلى الله عليه وسلم بقيامه بتلاوة وعرض النصّ القرآني على أهل الكتاب، ليقوموا بتدقيق ذكرهم القديم على موجب الذكر الحديث، فيظهر لهم مواضن التحريف، ويظهر لهم ما قد تمّ نسخه، أو تعديله بالذكر الحديث، وما تمّ إقراره لصلاحيّته، حيث تمّ نزوله مرة ثانية في الذكر الحديث، لذلك أنهى الله تعالى النصّ بقوله: " وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ".
إذن، وظيفة البيان التي يقوم بها النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الذكر الحديث (القرآن الكريم) إنما هي وظيفة تاريخية لذكر قديم (التوراة والإنجيل)، ليتمّ تصويب وتعديل القديم على ضوء الحديث.
ومن هنا يظهر لنا أن النصّ القرآني هو بيان بنفسه، ووظيفته التبيين لغيره، كما جاءت النصوص بذلك، نحو قوله تعالى: " هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ "، وقوله تعالى: " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ "، وقوله تعالى: " الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ".