تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن ما استدللت عليه من المفصل بقولك: فإن الحق تبارك وتعالى يقول: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " (الذاريات: 56)

العبادة هنا تعني أن أصل الخلق كلهم للعبادة وليس الجن والأنس بل كل

المخلوقات تندرج فيها وما ذكر الجن والأنس إلا تذكيرا لهما بهذا الأمر

أصلحك

الله سبحانه له الحمد

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[10 - 08 - 2005, 02:36 ص]ـ

الأخ الفاضل صالح ..

تقول: أولأً: من أين دليلك أن إبليس كان مكلفا قبل آدم ونحن نعلم أن التكليف هو قبول الأمانة ولم يقبلها أحد من الخلق قبل آدم.

فنقول: وما دليلك على أن التكليف هو قبول الأمانة؟ ومن ثم ألم يتقدّم خلق الجن على خلق الإنس؟ وأولم يكن إبليس اللعين من الجن؟ فماذا كانت (وظيفته) إذن قبل خلق آدم، إن لم تكن العبادة والطاعة؟ فهل عندك دليل على أن إبليس اللعين قد عصى ربّه قبل خلق آدم؟

ولنوضّح الأمر بصورة مبسّطة من جديد:

يقول الله عزّ وجلّ في كتابه الحكيم: " فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ " (الكهف: 50)، فبيّن لنا سبحانه أن إبليس اللعين كان من الجن.

ويقول عزّ من قائل: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ " (الحجر: 26 - 27)، فبيّن لنا سبحانه أن خلق الجن متقدّم على خلق الإنسان.

ويقول تبارك وتعالى: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " (الذاريات: 56)، فبيّن لنا سبحانه أنه خلق الجن للغاية نفسها التي خلق الإنس من أجلها، ألا وهي عبادته وطاعته.

والعبادة في اللغة تعني: التذلّل والانقياد، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله ومتذلّل لمشيئته، ولا يملك أحد لنفسه خروجاً عمّا خُلق عليه قدر ذرّة من نفع ولا ضرّ. وإن الله تعالى إنما شاء العبادة من جميع عباده وأرادها منهم وقضاها عليهم شرعاً، فمن أطاع أمره وأتى بما أراده وشاءه فله رضاه والجنّة، ومن خالف في ذلك فله سخطه والنار، قال تعالى: " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ " (الإسراء: 23). ولو أنه تبارك وتعالى قضى في الكون أن لا يُعبد إلا إياه لم يشرك به أحد من خلقه، وإنما قضى ذلك شرعاً ليبلو أي خلقه أحسن عملاً، ليجزي الذي أساءوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

فالجن على ذلك مكلّفون بأوامر ونواه، فمن أطاع رضي الله عنه وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرّد فله النار، يدلّ على ذلك نصوص كثيرة. ففي يوم القيامة يقول الله مخاطباً كفرة الجن والإنس موبخاً مبكتاً: " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ " (الأنعام: 130). ففي هذه الآيات دليل على بلوغ شرع الله الجن، وأنه قد جاءهم من ينذرهم ويبلغهم. والدليل على أنهم سيعذبون في النار، قوله تعالى: " قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ " (الأعراف: 38)، وقال: " وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ " (الأعراف: 179)، وقال: " لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " (السجدة: 13). والدليل على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة، قوله تعالى: " وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " (الرحمن: 46 - 47). والخطاب هنا للجن والإنس، لأن الحديث في مطلع السورة معهما، وفي الآية السابقة امتنان من الله على مؤمني الجن بأنهم سيدخلون الجنة، ولولا أنهم ينالون ذلك لما امتنّ عليهم به.

وأما بالنسبة لطلبك الدليل بأن الجن مكلّفون، فنسوق لك شيئاً من أقوال العلماء في ذلك:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير